عواصم - (وكالات): اتفق الروس والأمريكيون الذين يدعمون أطرافاً متحاربة في الحرب في سوريا على خطة تهدف إلى إعلان هدنة في البلد تبدأ يوم غد الإثنين أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويمكن أن تؤدي إلى تعاون عسكري ضد المتطرفين، فيما أعربت دول عربية وغربية والاتحاد الأوروبي وتركيا عن دعمها وترحيبها بالاتفاق.
ووافقت الحكومة السورية على الاتفاق، في حين تعاملت معه المعارضة بحذر مؤكدة أنها لم تتسلم أي نص رسمي للاتفاق.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن «مصادر مطلعة» أن «أحد أهداف الاتفاق الروسي الأمريكي هو التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في سوريا»، مضيفة أن «الحكومة السورية وافقت على الاتفاق». وأكدت المصادر أن «الاتفاق بكامله تم بعلم الحكومة السورية ووافقت عليه».
وبعد محادثات طويلة في جنيف، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف صباح يوم غد الإثنين موعد بدء الهدنة، لتتزامن بذلك مع أول أيام عيد الأضحى.
وقال كيري إن «الولايات المتحدة وروسيا تعلنان خطة نأمل في أن تسمح بخفض العنف» وفتح الطريق أمام «سلام عن طريق التفاوض وانتقال سياسي في سوريا»، مؤكداً أن موسكو «أطلعت الحكومة السورية على الاتفاق وهي مستعدة لتطبيقه».
وتمكن الروس والأمريكيون من التوصل إلى أرضية تفاهم على الرغم من الخلافات العميقة في رؤيتهما للنزاع الذي أسفر عن سقوط أكثر من 290 ألف قتيل وفرار ملايين منذ مارس 2011. وموسكو متحالفة مع نظام الرئيس بشار الأسد بينما تدعم واشنطن مسلحي المعارضة. وتسعى القوتان العظميان إلى إحياء خطة للسلام أقرتها الأسرة الدولية في نهاية 2015 وتشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية وعملية انتقال سياسي بين النظام السوري والمعارضة.
وقال لافروف إن الخطة الأمريكية الروسية «تسمح بإقامة تنسيق فعال لمكافحة الإرهاب، قبل كل شيء في حلب، وتسمح بتعزيز وقف إطلاق النار. كل هذا يوجد شروط العودة إلى العملية السياسية».
وتشهد حلب المدينة الكبرى شمال سوريا وضعاً إنسانياً مروعاً. وللمرة الثانية خلال شهرين، فرض حصار جديد على الأحياء الشرقية للمدينة التي تشكل الجبهة الرئيسية للنزاع ويسيطر عليها مسلحو المعارضة.
وفي هذا الصدد، طالب كيري بمنفذ «بلا عراقيل ودائم» إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول اليها، بما في ذلك في حلب، لإيصال المساعدة الإنسانية.
ورحب الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا بالاتفاق. وقال إنه «ينتظر من كل الأطراف أن تسهل جهود الأمم المتحدة التي تهدف إلى تسليم المساعدة الإنسانية إلى السكان الذين يحتاجون إليها بما في ذلك الذين يعيشون في المناطق المحاصرة».
وأضاف أن «الأمم المتحدة تأمل أن تكون الإرادة السياسية التي أوصلت إلى هذا الاتفاق دائمة».
ويتضمن الاتفاق الروسي الأمريكي شقاً آخر عسكرياً. وقال جون كيري إنه في حال صمدت الهدنة «أسبوعاً»، فإن القوات الأمريكية ستوافق على التعاون مع الجيش الروسي في سوريا. وتطالب موسكو بهذا التعاون منذ أشهر ويعمل البلدان من أجله منذ أشهر.
عملياً وإلى جانب مكافحة تنظيم الدولة «داعش»، اتفق الطرفان على تعزيز العمل ضد جميع القوى المتطرفة، خصوصاً جبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً» التي أعلنت مؤخراً فك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
وإذا صمدت الهدنة، سيبدأ التعاون العسكري بين البلدين من خلال تبادل المعلومات لتوجيه ضربات جوية، وهو ما كانت ترفضه واشنطن حتى الآن.
وأعلن لافروف عن إنشاء «مركز مشترك» روسي أمريكي لتنسيق الضربات «سيهتم فيه عسكريون وممثلون عن أجهزة الاستخبارات الروسية والأمريكية بقضايا عملية، التمييز بين الإرهابيين والمعارضة المعتدلة».
وأوضح وزير الخارجية الروسي «سنتفق على الضربات ضد الإرهابيين من قبل القوات الجوية الروسية والأمريكية، واتفقنا على المناطق التي سيتم فيها تنسيق تلك الضربات».
وردت المعارضة السورية بحذر على إعلان الجانبين الأمريكي والروسي.
وأعربت بسمة قضماني من الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم أبرز مكونات المعارضة والفصائل المقاتلة في سوريا في أن يشكل الاتفاق «بداية نهاية معاناة المدنيين».
وصرحت قضماني بالقول «ننتظر أن تقنع روسيا النظام بضرورة الالتزام بالاتفاق، ولا نتوقع أن يقوم النظام بذلك بملء إرادته».
وأضافت «نأمل من روسيا أن تنطلق من منطق الحرب إلى منطق الحل السياسي»، «فنحن لا نعول على النظام إطلاقاً» بل «نعول فقط على روسيا التي في يدها كل الأوراق».
وقال النقيب عبد السلام عبد الرزاق المتحدث العسكري باسم جماعة كتائب نور الدين الزنكي المعارضة - التي تقاتل تحت لواء الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب - إن المعارضة تدرس الاتفاق لكنه يبدو أنه سيمنح الجيش السوري فرصة لحشد قواه والدفع بالمزيد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المعارك الرئيسية بمدينة حلب.
ورحبت دول عربية وغربية وتركيا والاتحاد الأوروبي بالاتفاق. من ناحية أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مواقع عسكرية سورية بعد قصف تعرض له القسم المحتل من هضبة الجولان مصدره الأراضي السورية.
وهذا الحادث هو الثالث في أقل من أسبوع وأتى بعد بضع ساعات من إعلان التوصل إلى اتفاق في شأن هدنة في سوريا.