وصف قاسٍ لكنه دقيق ذلك الذي أطلقه البعض على نظام الملالي في إيران حين قال «إنه نظام يتنفس الإرهاب»، فهو بالفعل كذلك، فهذا النظام لا يستطيع العيش في غير هكذا أجواء. خلو الساحة من الإرهاب يرهبه ويربكه ويحرجه ويشعره أنه قاب قوسين أو أدنى من نهايته. دليل ذلك أنه لا يكاد يمر يوم إلا وتنكشف صورة من صور الإرهاب التي يمارسها هذا النظام، في الداخل أو الخارج، وعندما لا يجد ما يفعله يمارس فعل التحريض على العرب. في هذا السياق، انتشر أخيراً خبر ملخصه أن السينما الإيرانية وبأمر من الحرس الثوري تعمل حاليا على إنتاج أفلام تحرض على قتال العرب، وفي السياق نفسه يقول كثيرون الكثير من الكلام المؤكد لحقيقة اعتبار هذا النظام، العرب العدو رقم واحد، ولعل أشهر مثال على هذا ما قاله وكرره الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي في بعض محاضراته عن كره الإيرانيين للعرب وللغة العربية إلى حد أن خاطب أحد شعرائهم رب العالمين بقصيدة تمنى على الله سبحانه فيها ألا يسمع حرفاً من الحروف العربية في الآخرة ولا بأس لو كان ذلك في قعر جهنم! موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على تمديد العقوبات على إيران لمدة عشر سنوات لم تأتِ اعتباطاً ولم يكن قراراً عدائياً ولكن لأن النظام فيها يستحق ذلك بسبب أفعاله السالبة والمؤذية، وليس بعيداً أن تلغي الدول التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران ذلك الاتفاق بسبب سلوكيات النظام الإيراني التي ستزداد رعونة وتأكدت عمليا بالإعلان عن أنه يعد مشروعاً عاجلاً لاستئناف الأنشطة النووية رداً على قرار الكونجرس الأمريكي.
لولا هذا الذي هو فيه هذا النظام لما اتخذت منه دول مجلس التعاون موقفاً ولعملت على تبادل المنفعة معه بحكم الجغرافيا، لكن هذا النظام للأسف لا يستطيع أن يعيش ويتنفس في غير ذلك الجو ولا يستطيع إلا أن يمارس الإرهاب ويؤذي الآخرين، فهو يرمي إلى التسلط وتسيد المنطقة ويريد أن يستعيد دور شرطي الخليج ويعيد إنتاج الإمبراطورية الفارسية.
أغلب الذي يجري حاليا في المنطقة سببه النظام الإيراني والحماقات التي يمارسها. لولا تدخله في العراق لما تعقدت مشكلته ولعاد إلى الحياة سريعا، ولولا تدخله في سوريا لما وصلت إلى ما وصلت إليه، ولولا تهريبه الأسلحة إلى اليمن وسيطرته من خلال الحوثيين على العاصمة صنعاء لما استمرت حرب اليمن كل هذا الوقت ولعادت الأمور إلى ما كانت عليه سريعا، ولولا محاولات تدخل هذا النظام في البحرين وفي العديد من دول مجلس التعاون لما حدث فيها كثير مما يحدث حاليا ولما صار ما يقوم به من سلوكيات سالبة مادة للنقاش في القمة التي تختتم اليوم في المنامة. المتابعون للشأن الإيراني لا يترددون عن القول إن نظام الملالي سعى إلى تحريك بعض عناصره بغية إزعاج قمة التعاون، فهو يتوقع أن تصدر عنها قرارات تعطله وتعيق تحقيقه لأهدافه أو على الأقل تزيد من حالة انكشافه للعالم وتتسبب في إحراجه ببيان حالة التناقض التي يعيشها بين الشعارات التي يرفعها وسلوكه المرفوض. هؤلاء لا يترددون أيضا عن القول إن كل ما قام به البعض في الأيام الأخيرة في البحرين وحتى أمس وما قد يقوم به اليوم هو بتحريض من النظام الإيراني وتنفيذا لمخططاته.
مؤسف أن تكون حالة النظام الإيراني عصية على العلاج، ومؤسف أن يكون ما يراه العالم منه هو النموذج الذي ظن أنه سيكون مختلفا لأنه جاء نتيجة ثورة على نظام صعب وقاس، ومؤسف أكثر أن يعتقد البعض أن هذا النظام المتخلف يمكنه أن يحقق أمانيه ويرتقي به.