أثارت مقالاتي التي كتبتها في الفترة الماضية عن «الأشخاص ذوي الإعاقة» والتي من خلالها سردنا عناء من يقوم بالاهتمام بهم أو من يتابع أمورهم سواء عن قرب أو من بعيد، مجموعة من ردود الأفعال الإيجابية، ترجمت بعدد لا بأس به من الرسائل، وصلت إلى بريدي الإلكتروني، لأشخاص من داخل وخارج المملكة، باعتبار أن الشأن الإنساني لا يحده زمان، أو مكان، أو جنسية أو بلد كان.
«ومن خلال صفحات الصحيفة الموقرة أرسل شكري وامتناني لكل من راسلني وشاركني همه وحزنه ومآسيه وسرد لي قصة عنائه وسلم التحديات التي عاشها ويعيشها في هذه الحياة».
وكانت كثيرة هي الرسائل التي استفزت حالة الصمت والتركيز التي تعتريني، لتصدح صرخة تمرد من قلبي عند قراءتي لتلك الرسائل القيمة المعنى والمضمون، خاصة ما يقترفه بعض البشر عديمي الإنسانية بحق من ابتلاه الله العلي القدير بإعاقة منعته من ممارسة حياته الطبيعية أو حياة من يعيلونه. لذا سأشارككم بعض المواقف التي يمكن أن يراها البعض بسيطة ولكن للأسف لا أحد يمكنه أن يقدر سبب الألم والأذى النفسي الذي يطال صاحب الموقف.
فمن اليسير على سيدة أن تنهر وتوبخ إنسانة تسير ببطء أمامها كالسلحفاة في أحد المجمعات وتطلب منها أن تفسح لها المجال وهي غير مهتمة أو غير مكترثة لوضعها كونها عرجاء؟!
ورجل يعطي لنفسه الأحقية بأن يستهجن تصرفات طفل يعاني من التوحد ويطلب من أمه إسكاته أو الخروج به من غرفة الانتظار عند الطبيب لأن صوته سبب له الصداع؟
ويمكن أن تصل مرحلة الوقاحة وقلة الإنسانية إلى أن تطلب أخت من أختها بحجز ولدها في الغرفة وحجبه عن أبنائها عند زيارتها لها، لأن شكله يخيفهم؟! ومواقف كثيرة وقصص يكاد القلب يتفطر دماً قبل الدمع عند قراءتها ويشعر أن الدنيا بالفعل لا تساوي جناح بعوضة.
ويأتي السؤال الذي يطرح نفسه، هل المحاضرات وبرامج التوعية كفيلة بأن تزرع الإنسانية وتنعش الرحمة في قلوب من لا رحمة في قلبه؟ للأسف فالإنسانية تولد بالفطرة ونمارسها كمنهج لحياتنا وليست منتجاً قابلاً للبيع!! فرق شاسع بين أن نقدم يد المساعدة إيماناً منا بذلك أو من باب الشفقة أو كي يزيد رصيدنا الجماهيري عند الناس، أو بينهم.
لا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعاً بشرياً ولابد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقة.