فوجئت مقدمة برنامج «حديث البحرين» قبل يومين بأحد ضيوفها الذين تتكرر مشاركتهم من داخل البحرين يقول كلاماً غير الذي كانت تتوقعه منه وتريده فضائيتها «السوسة» عن الشق الجعفري من قانون الأسرة الذي كان موضوع الحلقة، وكانت تعتقد أنه موضوع جيد للتهجم على حكومة البحرين، حيث قال بوضوح ما ملخصه «سيدتي الكريمة.. المشكلة ليست في القانون، فالقانون لا غبار عليه وقد أعده عالم دين شيعي بعدما زادت معاناة المرأة البحرينية في المحاكم الشرعية وصار لا بد من إيجاد قانون يحميها ويحفظ حقوقها، وكلنا نعلم أن بعض القضايا الخلافية بين الزوجين تظل في المحاكم لسنوات طويلة من دول حل وهو ما يؤثر سلباً على حياة الأسرة» «منتقداً بذلك القضاة في المحاكم الجعفرية»، وأضاف «إن المشكلة ليست في القانون ولكن في الحصول على ضمانات بأن يكون أي تعديل مستقبلي عليه بيد علماء الدين الشيعة» «أي أن يشعر أولئك العلماء أنهم هم المفتاح وليس الحكومة أو مجلس النواب».
هذا الكلام كشف عن أمرين مهمين، الأول هو أن معدة ومقدمة البرنامج لم تكن على اطلاع بقانون الأسرة هذا ولا تعرف شيئاً عن أهميته للمرأة «الشيعية» التي تعاني في المحاكم وتدعو الله سبحانه وتعالى ليل نهار لكي يصدر هذا القانون فتفلت من هوى القضاة الذين تسببوا كثيراً في إرباك حياتها وحياة أسرتها، والثاني هو أنها كانت تعتقد أن الشيعة ضد القانون وأن الموضوع فرصة لشحنهم ضد الحكومة. لم تنتبه إلى أن القصة كلها تتركز في الحصول على ضمان أن يكون المفتاح بيد علماء الدين الشيعة من باب أن الموضوع يخص المذهب الجعفري.
بالشعبي «بط» ذلك الضيف «البرمة» فلم تجد مقدمة البرنامج سوى نقل السؤال إلى ضيفيها الآخرين اللذين اجتهدا فقالا في القانون من دون علم ولا دراية واهتما بالتركيز على أن كل ما يأتي من الحكومة لا يمكن أن يكون في صالح «المواطن الشيعي»، وهو ما تريد هذه الفضائية «السوسة» منهم قوله ونشره.
عن قانون الأسرة هذا تحدثت أخيراً رئيسة جمعية المحامين البحرينية هدى المهزع في ندوة فقالت «إن قانون أحكام الأسرة، الشق السني، أنصف المرأة البحرينية وأعطى لها مميزات عن مثيلاتها في الدول العربية الأخرى من حيث التيسير في مراحل التقاضي المختلفة وسرعة إصدار الأحكام»، وطالبت «بسرعة إصدار قانون أحكام الأسرة، الشق الجعفري، للتيسير على المرأة في المحاكم الجعفرية وللمساواة بين المرأة البحرينية عموماً».
ما لا تعرفه الفضائيات «السوسة» أيضاً هو أن الشق الجعفري من قانون الأسرة مطلب أغلب المواطنين الشيعة من النساء والرجال وأنهم يستعجلون صدوره أكثر من الحكومة لأن الكثيرين منهم «تبهدلوا» في المحاكم وعانوا كثيراً. وما لا تعرفه أيضاً ولا تعرفه مقدمة ذلك البرنامج هو أن العديد من الرجال والنساء الشيعة يعملون بجد واجتهاد ليقنعوا من لايزال دون القدرة على فهم أهمية هذا القانون بأهميته وأنه انتصار للمرأة الشيعية وسيعينها على الإفلات من التحكم في مشكلاتها. وما لا تعرفه تلك الفضائيات والعاملون فيها أن هذا الموضوع يمكن أن يكون سبباً في اتخاذ الشيعة موقفاً إيجابياً من الحكومة لأنها تكون بإصدار هذا القانون قد انتصرت للمرأة الشيعية ولم تميز بينها وبين أختها التي صدر الشق الخاص بها من قبل من دون «شوشرة».
المعلومة التي من المفيد أن تعلمها تلك الفضائيات «السوسة» أيضاً هي أنه غير صحيح على الإطلاق أن «كل الشيعة» يتخذون موقفاً من الحكومة، وأن الذين يقومون بما يقومون به في الشوارع و «يلعلعون» من خلال تلك الفضائيات ليسوا إلا قلة قليلة لم يعد لها تأثير في المجتمع، وهمها المفاتيح!