- الطفل جلود: كم كان مؤثراً مشهد الطفل الجزائري محمد جلود البالغ من العمر سبع سنوات وهو يقف على المسرح مواجهاً الجمع الغفير وينادي بهذه العبارات: «أنا أقرأ لأتعلم.. أنا تلميذ أحب القراءة كثيراً لأن القراءة ضرورية لحياتي الفكرية كالطعام الذي آكله، والماء الذي أشربه، والهواء الذي أتنفسه، إنها غذاء العقل والفكر.. ثم تمنى أن يصير عالماً كبيراً كأمثال الشيخ عبدالحميد بن باديس والشيخ محمد بن إسماعيل البخاري». لقد أبهر الجميع الطفل الجزائري الفائز بالمركز الأول في مسابقة «تحدي القراءة العربي» الذي أطلق مبادرتها الرائعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حيث فاز الطفل من بين ثلاثة ملايين مشارك من 15 دولة عربية، حيث قرأ الفائز ولخص 50 عنواناً لأكثر من 20 مؤلفاً، ويضاف إلى ذلك فوز الطالبة البحرينية ولاء البقالي بالمركز الثالث لتعكس صورة وطنية تعليمية رائعة عن أبناء هذا الوطن الغالي.
كم نحن بحاجة ماسة إلى مثل هذه المبادرات المتميزة التي تحتضن المواهب وتشجع على العلم والقراءة وفق منهجية علمية مدروسة.. نحتاج إلى هذه المبادرات لنبعد أبناء هذه الأجيال عن هامشية الحياة والتغلغل المذموم في وسائل التواصل الاجتماعي بلا فائدة مرجوة.. نحتاج إلى مبادرات حيوية تحتضن المواهب المدفونة التي تحتاج إلى من يرعاها ويتبناها وينميها.. والأهم من ذلك إنشاء مراكز المواهب المتخصصة لتكون متنفساً لها.
- فرجان لول: أعشق أن أتجول في تلك الأزقة الضيقة التي تربينا فيها في أحياء المحرق الشامخة، وبالأخص في «حالة بوماهر» الأبية.. تلك الأزقة التي أتذكر فيها تلك المساحة العائلية الجميلة التي تربينا فيها، وتعلمنا فيها أصول الحياة، تحت مظلة الوالدين رحمهما الله وجمعنا بهما في الجنان.. يرن في مسمعي ذلك الصوت الشجي لوالدي رحمه الله وهو يترنم بآيات الله البينات.. ثم أصداء صوته من وراء باب غرفته وهو يصلي القيام، ويجلس مبكراً للمشي إلى المسجد قبل صلاة الفجر.. ثم همساتي وضحكاتي مع والدتي رحمها الله وإخوتي وأخواتي حفظهم المولى.. ثم أسير لأتذكر أصحابي في «الفريج» وأنا ألعب معهم شتى الألعاب بصور الطفولة الجميلة.. كم كانت رائعة تلك اللحظات التي استبدلت اليوم بصور قاتمة تؤلم النفوس.. ولكن حكاية الحياة هي الحكاية المتكررة في كل زمان.. نبني من خلالها بمتاعب وعرق الجبين حلم المستقبل «بيت العائلة».. ثم ما يمكث أن يتحول إلى مساحة خالية قاتمة.. احتفظت ذكرياتها ذاكرة الزمان الجميل.. تبقى الحياة قصة عجيبة.
- بناء الأثر: الأثر الذي تسعى إلى بنائه في بعض الميادين يحتاج أحياناً إلى جهد مضاعف حتى تشيد أركانه بالهيئة التي تتمناها، وبخاصة عندما تواجه بعض النفوس المريضة التي آثرت أن تبقى جامدة متعالية بلا حراك فعلي في واحات العطاء.. سيكون الأمر بلا ريب يسيرا في صناعة الأثر.. ولكن يبقى الطريق إلى ذلك محفوفاً بالمتاعب التي يجب أن تصبر عليها حتى لا تضطر للوقوف والتراجع الذي يقضي على أحلامك.. فلا تحمل وزر تلك النفوس لأناس شيدوا منارات الخير والعطاء، لأنهم الكوكبة المختارة التي تريد أن تأخذ بيدها لتتربع يوماً ما على عرش المسؤولية والإنجاز.. تحتاج أن تكون واقعيا أكثر في خطواتك، وبنفس جسورة ثابتة على المبدأ مقتنعة بخطواتها وواثقة بنفسها وبقراراتها.. فحينها أنت في طريق الصواب.
- اللهم إني تصدقت: قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة في يوم ما: «من يستطيع منكم أن يكون كأبي ضمضم؟» فمن هو؟ هو صحابي لما تصدق الناس بأموالهم، لم تكن لديه الأموال لكي يتصدق، فبات ليلته حزيناً.. فقال: اللهم إن الناس تصدقوا ولا أملك ما أتصدق به، فإني أتصدق بعرضي «كل من تكلم علي أو سبني أو اغتابني فإني قد عفوت عنه». فلما أصبح، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ضمضم: «أبشر فإن الله قد قبل الصدقة منك». كم هو جميل هذا الدعاء الذي يجب أن نتعود الدعاء به قبل أن ننام: «اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس وعفوت عمن ظلمني».. لتربي نفسك التي يصعب أن تدوس على ذاتها، لأنها قد جرحت وظلمت، وكانت أسيرة لواقع النفوس المريضة التي اتخذت سيرتها دمية تتقاذفها من أجل أن تكون أضحوكة أمام الآخرين.. فمع مشكلات الحياة قد تتكرر مشاهد الهجر والإعراض، ولكنك عليك أن تبادر وتعفو وتصفح حتى تختم صفحتك في الحياة بجميل الفعال.. قال تعالى: «والكاظمين الغيظ والعافين على الناس والله يحب المحسنين».
- الحذر واجب: لا بد من الحذر الممزوج بالإدراك الواقعي، من منهجية بعض النفوس التي اعتادت أن تملأ المعاملات الحياتية بالعلقم المر.. تلك النفوس التي اعتادت أن تفسر كل مشاهد الحياة ومواقف التعاملات بحسب أهوائها الخاصة وبمزاجها المتقلب، وبظن السوء الذي يساهم في تمزيق العلاقات وإثارة الشحناء بين النفوس.
- الفضولية: لا تكن فضولياً كما يتطبع بذلك العديد من الشخصيات التي ارتضت لنفسها أن تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في شؤون الآخرين.. فمثل هذه الشخصيات يهمها وبكل أسف أن تتقصى أخبار الآخرين، وتبادل السؤال لتجمع المعلومات وتنقلها لكل من هب ودب.. المؤلم أن تلك الشخصيات قد بلغت من الخبرة الحياتية ما يمكنها من تغيير طبائع النفس.. ولكن كما يقولون «طبيع ما إيوز عن طبعه».. والأدهى من ذلك والأمر أن تلقاها تشارك في السخرية من مواقف الآخرين المشينة.. ولا تستر عيوبهم.. وكما في المثل «من عاب ابتلى».
* ومضة أمل:
إذا أردت أن تفوز، أحكم السيطرة على أهواء نفسك، ولتكن إشراقة كل يوم أضواء جديدة تصنع لك مجد التغيير في الحياة.