لقد شعر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بأن عليه واجب المحبة لمصر، فكان أول من بادر بالذهاب إليها بعد ثورة 30 يونيه 2013، وشارك في الاحتفال بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد فوزه في الانتخابات، وشارك في مؤتمر شرم الشيخ لدعم مصر اقتصادياً، وفي حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، وغير ذلك من المناسبات. بل في مبادرة رمزية عبرت عن عمق المحبة عندما تعرضت السياحة المصرية للتدهور بعد حادث إرهابي ضد الطائرة الروسية قرر جلالته دعم رحلة خاصة لشرم الشيخ، قامت بها جمعية الصداقة البحرينية المصرية، في ديسمبر 2015، للاحتفال بالعيد الوطني للمملكة في شرم الشيخ وتعبير رمزي عن مساندة شعب البحرين للسياحة في تلك المدينة. وهذه وغيرها مبادرات تدل على عمق المحبة بين جلالة الملك وبين مصر وشعبها وقيادتها.
وقد حدد الرئيس عبد الفتاح السيسي الموقف المصري من العلاقات العربية في كلمتين منذ تسلمه السلطة، فقال عبارة بالغة الدلالة، أثلجت قلوب كثيرين من الشعوب والقادة، خاصة في دول الخليج العربي، وهي جملة «مسافة السكة»، بمعنى أن مصر سوف تكون بجوارهم إذا استدعى الأمر على الفور وبلا أدني تردد. وأكد ارتباط مصر ودورها العربي والدولي بمقولة «مصر أم الدنيا وقد الدنيا»، بمعنى أن لها دوراً دولياً في القضايا المختلفة. وهذا تعبير واقعي عما تقوم به مصر في الساحة الدولية من قضايا نزع السلاح إلى قضايا البيئة والديون والقضايا الأفريقية والعربية المرتبطة بحركات التحرر الوطني وكذلك مبادرات مصر في بناء نظام دولي جديد منذ مبادرة إنشاء حركة عدم الانحياز التي قاد مبادرتها الزعماء جمال عبد الناصر ونهرو وتيتو وسوكارنو وسيكوتوري ونكروما وغيرهم من قادة آسيا وأفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية. أما عبارة «أم الدنيا»، فإن صاحبها الأصلي هو العلامة رائد علم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون عندما زار مصر في طريقه للحج، ثم قرر الاستقرار بها، وتولى مناصب عدة منها منصب قاضي القضاة وغيره، وعاش وتوفي بعد ذلك في مصر. أما الكلمة الثالثة التي دأب السيسي على تكرارها فهي عن العلاقة المصرية السعودية كلما استدعى الأمر للرد على دعاوى من صحافيين وإعلاميين وسياسيين تركز على ما تسميه توتر العلاقات بين البلدين، لمجرد وجود بعض الاختلاف تجاه بعض القضايا، وهي اختلافات طبيعية ينطبق عليها المقولة الشهيرة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، ولذا حرص السيسي على أن يؤكد أن علاقة مصر بالسعودية لا تتأثر بأي شيء. وفي تصريح آخر، يؤكد أن علاقة مصر بالسعودية متينة وقوية ومن التصريحات المرتبطة بالعمل الفعلي والالتزام العملي قوله «إن الجيش المصري جاهز لحماية أشقائنا في الخليج من أية تهديدات». وهذا لا يقلل من قدرات دول مجلس التعاون الخليجي، وإنما هي عملية تكاملية، فالجيش المصري هو من أقوى عشرة جيوش في العالم، وفقاً للتقارير الدولية وموقفه من الدفاع عن الأمن العربي وبخاصة الخليجي موقف واضح وثابت.
تلك بعض لفتات وشواهد حول الرابطة المصرية البحرينية القوية والرابطة المصرية الخليجية والعربية وهي رابطة العروبة والإسلام، كانت وستظل بفضل عمق الارتباط. ولاشك في الدور الذي تقوم به القيادات في الجانبين وبخاصة الدور الثابت والمخلص والذي لا يتزعزع هو دور جلالة الملك حمد بن عيسي، وهو دور لا يقدر بثمن، فهو نابع من قلب محب، والحب لا يعادله أي شيء آخر في الحياة. وشعب مصر هو شعب عاطفي في حبه للعرب والعروبة والإسلام. وهو في نفس الوقت حب نابع من التاريخ والثقافة والانتماء القومي. حفظ الله مصر والبحرين وسائر بلاد العرب والمسلمين بل والعالم بأسره.
* خبير في الدراسات الاستراتيجية الدولية