بداية نهنئ صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لسمو رئيس الوزراء بذكرى يوم مولده، أعاد الله عليه هذا اليوم بدوام الصحة والنجاحات المتوالية التي تصب في صالح الوطن والمواطن.
ثانياً، الشكر الجزيل يوجه لسموه بسبب اهتمامه اللافت بقضايا المواطنة وعمليات بناء المواطن الصالح المخلص لبلاده، المتميز بعلمه وقدراته، الناجح في عطائه.
فقبل أيام تطرقنا لرؤية سموه بشأن ملفات التعليم والتدريب، وكيف أنه بات في موقع «العراب» الأول لهذه الملفات من ناحية التطوير والسعى للارتقاء بالمخرجات، كون هذا التوجه هو أساس بناء «جيوش» مخلصة قادرة ومؤهلة من أبناء الوطن، يكونون أفضل عون وسند لبلادهم، ويتحولون لأقوى أدوات البناء والتعمير.
ويمضي الأمير سلمان ليؤكد على أهمية المواطن وكيف أنك يا بحريني تمثل «حجر الأساس» الذي تنطلق منه الحكومة تجاه تحقيق التنمية المستدامة في شتى المجالات.
الأمير بوعيسى يركز في توجهاته في مجال التنمية البشرية على أهمية «الاستثمار في البشر»، وتحديداً أبناء الوطن من الكفاءات الشابة، وهو ديدنه الذي عرفناه عليه منذ عقود، هو داعم لكل شاب مبدع مميز، بل مساهم قوي في عملية تطوير الكوادر البحرينية التي تبشر بالخير.
الأمر لا يقتصر على الشباب سواء في الجامعات أو في المدارس الثانوية، أو المنخرطين حديثاً في سلك العمل الحكومي، بل الأمر يسبق ذلك ويصل لمستوى أطفالنا الصغار اليافعين، وهو ما رأيناه جلياً عبر الزيارة التي قام بها أمس الأول الأمير سلمان لمدرسة آمنة بنت وهب الابتدائية للبنات.
نعم، الزيارة جاءت بمناسبة فوز المدرسة بجائزة «جودة التعليم» المقدمة في الملتقى الحكومي لهذا العام، ونظير حصولها على تقدير «الامتياز» في مراجعات هيئة جودة التعليم، ولثلاثة دورات متعاقبة.
لكن المتمعن في تفاصيل الزيارة، سيرى بأن هدف الأمير سلمان أبعد من عملية المباركة للمدرسة بطاقمها الإداري والتعليمي، أو تكريمهم بالتشريف بالزيارة، بل الهدف الأهم واضح تماماً ويتجلى عبر صور الزيارة، وكيف كان سلمان بن حمد يراقب فلذات أكبادنا من تلميذات المرحلة الابتدائية.
الابتسامة وعلامات الفرح على وجه الأمير سلمان تقول الكثير، فبالنسبة له أجزم بأنها نتيجة ارتياح لرؤية «براعم» الجيل القادم من المواطنات والفتيات اللواتي يعول عليهن الكثير من خلال دورهم في المجتمع جنباً إلى جنب مع أشقائهم الرجال، وفي المقابل تخيلوا حجم التأثير الإيجابي على الأطفال حينما يرون سمو ولي العهد بينهم، يتحدث معهم بمرح ومداعبة، ينزل لمستواهم البسيط، يسألهم ويختبرهم ويتابعهم.
هذا نوع من أقوى أنواع التحفيز القيادي، حينما يحس الشباب والناشئة بأن أحد أهم رموز البلد يحيطهم باهتمامه، يسألهم ويستمع باهتمام لهم، يخلق لديهم الثقة والشجاعة في الإجابة والرد والحديث في حضرته، يعزز لديهم الإيجابية إن أجادوا، ويصحح لهم وينورهم إن لم يوفقوا في الوصول للحلول.
بناء المجتمع أبداً لا يكون من الأعلى، فسقف الهرم هو الضليع بأمور التخطيط ورسم الاستراتيجيات ووضع الأهداف والرقابة والمتابعة، لكن البناء يكون عبر تطوير أدوات البناء، وفي حال بناء الأوطان يكون هؤلاء هم المواطنون أنفسهم، بدءاً من الصغار ووصولاً للكبار، والأهم هم اللبنة الأولى المتمثلة بطلاب المدرسة الابتدائية، فهم البذور التي إن أحسنا زرعها واهتممنا بها ورويناها من خبراتنا وتوجيهاتنا، وأمددناها بأشعة الوطنية والولاء للبلد وقيادته، فإننا سنحصد أنجع ثمار هذا الزرع.
لماذا يزور الأمير سلمان مدرسة ابتدائية للبنات؟!
سؤال إجابته يظن البعض أنها سهلة وبسيطة، لكنها في الواقع إجابة تحمل كثيراً من التشعبات، في طياتها أهداف ورؤى واستقراء للمستقبل.
سلمان بن حمد يعلم تماماً بأنه من هنا «تكون البداية» وتكون «الصناعة الصحيحة للاستثمار البشري»، ويريدنا أن ندرك ذلك، وأن نساهم معه يداً بيد في دعم الاستثمار في أبنائنا وناشئتنا.