في الوقت الذي يفرض الغرب السياسي أجندته على العالم الثالث بكل قوة وبمحض المزاجية التي تصب في مصالحه الخاصة وفي الوقت الذي يقولها بملء الفم «ليست هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة»، يرفع العرب عقيرتهم ليقولوا لهذا الكائن المتعجرف بأن صداقتنا معك أيها الغرب علاقة تاريخية، في الوقت الذي لا يعترف الغرب سوى بالمستقبل.
هذا هو الغرب السياسي الذي لا تحكمه أخلاق ولا علاقات ولا تاريخ، بل له أجندته الخاصة ومصالحه الواضحة والمشحونة بالأنانية في كل العالم، بداية من واشنطن وانتهاء باكتشاف نيوزيلندا، فهو الذي يحدد مصير العلاقات التي يبنيها معنا وهو الذي يختار الوقت والمكان والدول التي يجب أن يحط رحاله فيها، إذ يعتقد هذا الكائن المتغطرس أنه يملك الأرض وما عليها ويتحكم في التاريخ والمستقبل، ومن لا يرتضي هذا الأمر فليشرب من ماء البحر، هذا هو الغرب.
ترسل الولايات المتحدة الأمريكية أساطيلها لنشر الاستقرار والديمقراطية في العالم، في الوقت الذي تستبيح الشرطة الأمريكية دم الملونين من السود أو الزنوج الذين فضحتهم «الجذور» في مشاهد مخزية على أرصفة الموت وفي وسط شوارع الولايات الأمريكية كلها. لقد تأكد لنا بعد الحادثة الأخيرة التي قتلت فيها الشرطة الأمريكية وبدم بارد رجلاً أسود، أن الأمريكان لا يهمهم الحديث عن حقوق الملونين في الداخل الأمريكي حتى ولو كان الرئيس الأمريكي نفسه من زنوج «كينيا»، فأمريكا ليس لديها الوقت الكافي للاستماع إلى نصائح العالم وتحذيراته بخصوص وجوب احترامها للملونين، فعينها الكبرى مفتوحة على النفط وعلى إهانة دول العالم المستقر لأجل إركاعه لها في مشهد شيطاني لا يمكن أن تقوم به دولة تدعي أنها تريد نشر الحرية والإنسانية والديمقراطية في هذا العصر المشحون بنفايات التناقضات السياسية.
ليست هنالك قيمة حقيقية للإنسان العربي في العين الأمريكية سوى نهب خيراته ونفط بلاده، وليس للأسود كرامة في أمريكا سوى أن يكون خادماً للإنسان الأبيض كما كان عبداً ذليلاً طيلة التاريخ الأمريكي الحديث، فالغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لا يعترفون بتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، وإنما يعترفون أن تكون مصالحهم فوق كل الأولويات وفوق كل الألوان والأعراق. هذا هو الغرب، أما نحن فإننا مازلنا نردد ديباجة الأخبار المملة عن علاقات ثنائية مع دول تحاول أن تهين العرب كلما لاحت لها الفرصة لذلك، فهل سنقف لحظة إلى جانب مصالحنا المشروعة؟ أم سنظل نردد أننا نرحب بعلاقات آحادية الوجود؟