* ومضى عام..
ومضت سنة هجرية أخرى من أعمارنا.. سنة تصرمت من أعمارنا القصيرة، ومضت لتكون شاهدة لنا أو علينا.. ما أسرع انقضاء الأعمار وتساقط أوراق الحياة.. لم نعد نستوعب تسارع الأوقات.. ولم نعد نستوعب بعد كيف تقدمت أعمارنا، واختفت معالم أجيال الكبار الذين تعلمنا منهم الكثير.. العظة مع كل عام جديد يقبل علينا ليخط سطور العطاء من جديد.. أن نراجع سريعاً الحسابات الحياتية، ونعيد صياغة حياتنا بما يتناسب ومكانة الآخرة التي نرجوها.. العظة أولاً وأخيراً بأن نكون فرسان ميدان الخير والعطاء، فلا تتوقف حياتنا عند مرحلة معينة، أو محطة بذاتها.. بل هو العطاء الذي نحصد من ورائه الأجور المضاعفة.. وقفة تأمل يجب أن تكون الآن.. بقراءة هذه السطور.. أقف معكم هنا.. لأكتب معكم خطة جديدة تعيد لنا معالم الحياة السعيدة المفقودة.. أولها أن ننهل من منهل الصلاة لتوطيد الإيمان في النفوس.. ومن ثم الارتواء من معين القرآن.. وثالثها أن نواصل «بصمات العطاء» في كل الميادين، حتى الرمق الأخير من حياتنا..
* عطاء المسن..
سُعدت بعضوية اللجنة الوطنية للمسنين، وبالمشاركة في الزيارات الرائعة التي قامت بها اللجنة الوطنية للمسنين بمناسبة اليوم العالمي للمسنين، حيث قامت اللجنة بزيارة إلى نادي عبدالرحمن كانو للمسنين بمدينة حمد والذي يشرف على إدارته جمعية مدينة حمد الخيرية برئاسة الوجيه يوسف المحميد.. ولكونها المرة الأولى التي أزور فيها هذا النادي الجميل، فقد سعدت وانبهرت بالمستوى الرفيع من حيث المساحة والمنشآت والبرامج وعدد رواده من المسنين رجالاً ونساء.. والمشهد الأجمل الذي سرح معه الخيال إلى الزمن الجميل والمستقبل القادم، هو مشهد الآباء والأمهات الذين تجمعوا فيه بابتسامة فاقت التصورات، حتى الذي لا يقوى على المشي، حرص على الحضور وتغيرت نفسيته، لأنه يقضي أوقاتاً ممتعة مع رفقاء الدرب، ومع من قدموا الكثير لهذا الوطن الحبيب على كافة تخصصاتهم ووظائفهم.. المشهد جميل جداً بأن ترى كبير السن وهو يمارس هوايته، ويرفه عن نفسه بممارسة مختلف الألعاب.. ولفت نظري تلك اللوحة الفنية الجميلة بريشة إحدى الأمهات بثيابها الشعبية المزركشة.. اللافت في الأمر أنها تملك هذه الموهبة منذ الصغر.. والنادي أتاح لها المجال كي تعود بريشتها ترسم جمال الحياة.. كل الشكر والتقدير للجنة الوطنية للمسنين وعلى رأسها وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان والدكتور حسن كمال نائب الرئيس على الجهود المبذولة للجنة في رعاية المسنين والحرص على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمسنين.. والشكر موصول لعائلة كانو الكرام على هذا الصرح الجميل الذي لم الآباء والأجداد ليجددوا حياتهم ويخرجوا من إطار قوقعة البيوت المميتة.. وكم هو جميل أن يتحقق حلم مثل هذه النوادي النهارية لتخدم من قدموا العطاء على كافة الصعد في وطننا الحبيب، والأجمل بأن تشيد في كل مساحات الوطن لنستغل معها تجارب المتقاعدين في كافة مناحي الحياة، ليكون النادي الواحة المثلى للترفيه وعلاج النفسيات وإعادة ممارسة الهوايات، والأهم من ذلك إنشاء «وحدة الخبرات» التي تقدم استشارات الحياة بتخصصاتهما المختلف.. مهنيا واجتماعيا وتربويا.. يرتادها الشباب وأبناء المستقبل لينهلوا من مناهلها ما يعينهم على نضوج تجربتهم في ميادين الحياة.. وليساهموا في دمج الخبرات في الميادين العملية.. فلا تكن المسألة مجرد «نظريات مكتوبة» بل عطاء في واقع الحياة.. وفق الله الجميع إلى كل خير وبارك في الجهود المبذولة لخدمة هذه الفئة في المجتمع.
* لا تتردد..
لا تتردد أن تكون الحكيم الذي يكتب حكمته على جدران القلوب، حتى وإن قصر فيها في فترات حياته، فلعله بها يرشد نفسه إلى غايتها، ويبدل مواقف حياته إلى أجملها.. وتكون حكمته سطور النجاة للحيارى ترشدهم إلى واحات الخير.. ولا تتردد أن تكتب «يومياتك» التي تفيض منها الخبرات والعظات.. فحياة المرء الميدانية هي أساس التغيير ودك النفوس لتخرج من ردائها الرث.. ولا تتردد أن تغير من منظومة معاملاتك الحياتية مع الآخرين.. لأنك تريد أن تعيش بطمأنينة وسكينة بعيدا عن منغصات الحياة وإزعاجات الآخرين المتعبة.. ولا تتردد في أن تسحب البساط من أولئك المتمردين على منظومة العمل، الذين يتعاملون معها «بالأمزجة النفسية».. بيدك إسعاد نفسك في كل المحطات.. بشرط ألا تتردد كثيراً وتقدم على اتخاذ القرار الحاسم للتغيير، حتى تصلح الأجزاء المثقوبة في لباس حياتك..
* محبة..
ليس من الأمر السهل أن تحافظ على بعض علاقات المحبة التي تجمعك مع الآخرين، لأن الذي يحبك يجب أن يفهمك جيداً، ويقرأ تقاسيم وجهك كلما مرت عليه مواقف الحياة معك.. وقلما تجد من يحافظ على ودك مهما كانت الظروف.. لأن تقلبات النفس أحياناً تجعلها تتجه إلى أفق بعيد عن أطياف المحبة.. إن أردت أن تحب من قلبك فاحذر أن تخدش نسيج المحبة مع الآخرين، لأنك إن فعلت ذلك ولو بطيف عابر، فلن تستطيع أن ترجع مكانتك في قلب محبك.. المحبة درة نفيسة.. ابحث عنها مع من صدق معك بمشاعره.
* أسرة تحبها..
أسرتك في العمل.. أسرة تعتز بها وبخاصة إذا كانت أسرة تخدم المحتاجين، وترسم البسمة على شفاههم.. تحاول جاهداً أن تبني مقومات الأسرة الواحدة، التي تحب بعضها البعض، وتسعد بعطاءاتها، وتفرح بإنجازاتها، وتبتعد عن أشواك الخصومات والحسد والتباغض.. ولا يبث أفرادها داء السلبية والانتقادات اللاذعة، ونقل الكلام الذي يدمر العلاقات.. أسرة لا تصطاد في الماء العكر لبعضها البعض، وقيمة «الاحترام» لديها قيمة مهمة في علاقاتها.. فبدون المحبة والاحترام.. لا تنجح الأسرة في تحقيق أهدافها..
* ومضة أمل:
سأظل أعشق التغيير في كل لحظة.. حتى أحافظ على بصمات العطاء الجميلة.