التاريخ يتكرر وإن اختلفت الوجوه والأسماء والأزمنة. لكن معظم الناس ينسون أو يتناسون، ولا يربطون بين الأحداث أو يقرؤون التاريخ بإمعان.
الناس في أيامنا هذه يستندون إلى عواطفهم أو جهلهم عند الحكم على الآخرين، وقليلٌ منهم يحتكمون إلى عقولهم. ومن الناس من ارتسمت على وجوههم علامات البؤس والخذلان. فتارةً تراهم قد تشبعوا بثقافة الاتكالية، وتارةً أخرى بثقافة الانهزامية. ومن الطبيعي أن يمر كل إنسانٍ بلحظة ضعف، والقوي من مر بلحظة ضعف ولم يستسلم لإغواء الشيطان. قال لي أحد أساتذتي: «كل شيءٍ في هذه الدنيا يكبر ما عدا الحزن، فالحزن يبدأ كبيراً ثم يصغر شيئاً فشيئاً».
وهناك أشياءٌ مألوفة وغير مألوفة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بشخصية الإنسان وتميزه عن الآخرين كهيئته وملابسه ومشيته وصوته. وهناك أشخاصٌ لديهم قدرات حسية يتميزون بها، وينظرون بفضولٍ واهتمامٍ شديدين إلى أمورٍ مختلفة مما يمهد الطريق نحو ابتكارٍ قد يعود بالنفع على المجتمع وعلى البشرية جمعاء. يقول المفكر المعروف الدكتور مصطفى محمود رحمه الله: «العبقري يخترق حجاب المألوف، ويستطيع أن يخرج من أَسرِ العادة».
إن خدمة الوطن لا تقف عند ترك الشخص لوظيفته أو بلوغه سن التقاعد. فطالما لديه الطاقة والهمة، فإنه يمكنه أن يؤدي رسالته حتى وإن اختلفت طبيعة الدور الجديد. وكثيرٌ من الناس ممن وهبهم الله العلم والجاه سقطوا سقطات موجعة لأنهم استسلموا لمغريات المنصب والشهرة حتى إنهم ربطوا مصائرهم بمناصبهم وشهرتهم وتخلوا عن الرشد والحكمة والصحة.
ختاماً، أود أن أهنئ الطلبة والطالبات بمناسبة العام الدراسي الجديد متمنياً لهم التوفيق والسداد في تحصيلهم العلمي. وأود أيضاً أن أوجه رسالةً خاصة إلى أبناء البحرين الدارسين في الخارج كوني خضت من قبل تجربة الغربة كطالبٍ في إحدى الجامعات البريطانية. فالغربة فرصة للتعرف على الذات، والاطلاع على تجارب الدول، وهو أمر مفيدٌ للغاية، ولا ضير في نقل تلك التجارب إلى البلاد بما يتناسب مع وضعها الثقافي والاقتصادي. والحذر كل الحذر من الانسياق وراء ما تخبئه الأيادي الخبيثة من تدابير لطمس الهوية. فمن الناس من تعلق وتشبث بالثقافات الوهمية حتى نسي هويته الأصلية. ودمتم سالمين.