وصفت مجلة بوليتكو موقف أوباما في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض من المملكة العربية السعودية بأنه تحول كبير في سياسته، إذ تحول أوباما هذه الأيام إلى المدافع الأكبر عن السعودية، وذلك من أجل التصدي لقانون «الجستا» الذي سيفتح الباب أمام مقاضاة دولة كالسعودية من قبل أهالي ضحايا 11 سبتمبر.
وسواء كان هذا الموقف الأخير نظراً لانتباه أوباما فجأة وفي أيامه الأخيرة بالأضرار الفادحة التي تسبب بها وأثر بها سلباً على طبيعة العلاقة الأمريكية السعودية التاريخية، وإدراكه بأن الولايات المتحدة الأمريكية على وشك خسارة السعودية كحليف بسبب قراراته وسياسته وعقيدته الخائبة، أو كان هذا الدفاع بسبب إدراكه لخطورة هذا القانون على أمن وسلامة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ سيكون ذريعة لمقاضاة أمريكا نفسها على جرائمها ضد الإنسانية الموزعة على الكرة الأرضية كلها، إلا أنه في النهاية «إدراك متأخر» بعد خراب البصرة وبعد فساد العلاقة وبعد تراجع موقع الولايات المتحدة الأمريكية دولياً.
على صعيد آخر وفي البحرين بدا تنامي خطاب «الإدراك المتأخر» لدى مجموعة قيادات الدوار ومناصريهم، التي أدركت متأخرة أن رهانهم على «المجتمع الدولي» كان رهاناً فاشلاً وكان خطأ استراتيجياً كبيراً، وإدراكهم متأخرين أن هذا «المجتمع» لا يملك إلا أن يصدر البيانات والتقارير، وأنه لا يملك أن يجبر دولة ذات سيادة حتى وإن كانت صغيرة كالبحرين على الخضوع «لمجموعة» فقط لأن هذه المجموعة نشطة دولياً، في النهاية فإنه أيضاً «إدراك متأخر».
أحياناً يلعب «الوقت» دوراً أساسياً في تحديد دورك في الملعب، ففوات الأوان يحدد أهمية موقفك من عدمه، كمدرب فريق كرة القدم الذي يختار أن يغير استراتيجيته أثناء المباراة لكن متى؟ في الدقيقة الأخيرة وفريقه خسران ثلاثة صفر، هذا ليس تغييراً في وقت ضائع، هذا تفكير خارج نطاق الواقع.
العملية واحدة، كانت مباراة الانقلاب والتغيير في البحرين تجري بين فريقين، فريق يضم «إدارة أوباما ومجموعة الدوار» وفريق يضم الشعوب الخليجية مجتمعة، والمباراة كانت تغيير خارطة الشرق الأوسط وتفتيت الدول العربية والدوري يجري على أرض البحرين والسعودية، والنتيجة فوز الشعوب الخليجية بعشرة صفر، وخذلان لمجموعة الدوار.
ومثلما فوجئت مجموعة الدوار بخذلان المجتمع الدولي لها وبرهانهم الخاسر عليه، وفوجئت مؤسسة «كراند» إحدى المؤسسات التي رسمت استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط بتماسك دول الخليج العربي وبصمودها أمام موجة ما سموه الربيع العربي، فإن إدراك فريق أوباما ومجموعة الدوار بخطأ سياستهما واستراتيجيتهما، إدراك متأخر جداً.
فالضرر كبير جداً على العلاقة بين المملكة العربية السعودية والبحرين والولايات المتحدة الأمريكية وأصعب من أن يعالج بموقف غير قابل للثبات كموقف أوباما اليوم، إذ لا يزيد عن كسب للوقت، ومثله الضرر كبير بين «مجموعة الدوار» والشعب البحريني، وتعويض الخسائر الفادحة صعب جداً، بل ومستحيل لا «يترقع» في دعوات لمبادرات لا تزيد عن خطابات وكتابات.