لا شك في أن زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه للجمهورية التركية سيكون لها صدى كبير في المستقبل القريب، فالبلدان الصديقان يتقاربان في وجهات نظر عديدة، وهذا التقارب سيكون دافعاً هاماً في التأكيد على التعاون الثنائي بينهما خاصة في الشؤون السياسية والاقتصادية.
البحرين من الدول التي ترتبط بتركيا بعلاقات قديمة تعود إلى أكثر من 60 عاماً، وهذا الارتباط شهد ارتقاء تصاعدياً في العلاقات بينهما في شتى المجالات، وبالذات الاقتصادية منها، لذلك تعد المملكة من الدول التي تربطها بتركيا شراكة اقتصادية قوية، وهذا ما تؤكده الإحصائيات الرسمية، حيث يصل حجم التبادل التجاري بين المنامة وأنقرة إلى نحو 400 مليون دولار.
هذا التعاون والتبادل التجاري مرشح وبقوة إلى الارتفاع بعد الزيارة الكريمة لجلالة الملك المفدى إلى تركيا نهاية الأسبوع الماضي، وما صاحبها من توقيع المملكة لعدة اتفاقيات منها ما هو في الشأن الاقتصادي، بمعنى آخر أن البحرين وتركيا مقبلتان على تعاون في مجالات وصفها رئيس غرفة التجارة والصناعة خالد المؤيد بـ»الواعدة» في المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والخدمية.
ومن المتوقع أن تحتل تلك المجالات جانباً كبيراً من المباحثات والمناقشات سواء في إطار مجلس الأعمال المشترك بين غرفتي التجارة لكلا البلدين، أو من خلال منتدى الأعمال الخليجي التركي الذي ستستضيفه المملكة بتنظيم من «غرفة التجارة» في نوفمبر المقبل تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظه الله، وبلا شك سيفتح هذا المنتدى آفاقاً أكبر للتعاون الاقتصادي بين البحرين وشقيقاتها في دول مجلس التعاون مع تركيا.
ومع هذه القاعدة الصلبة من التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون وتركيا، فإن المؤشرات المستقبلية لهذا التعاون ستكون إيجابية لتحقيق المزيد من الشراكة الحقيقية، وتنفيذ العديد من المشاريع التي تعود بالنفع العام على الدول المعنية.
والبحرين تعد من الدول الجاذبة للاستثمار والمشجعة لاستقطاب وتشغيل رؤوس الأموال فيها بفضل الاهتمام الحكومي الكبير، والحرص على تقديم المزايا والدعم للمستثمرين، فكان لذلك الأثر الفعال في إقامة المشاريع وخلق فرص عمل لأبناء البلد، والحد من نسبة البطالة التي تصل ولله الحمد في البحرين إلى أدنى مستوياتها العالمية.
وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تشترك مع المملكة في تلك المميزات المتعلقة باستقطاب الاستثمار، لذلك فإن الاستثمارات الخليجية في تركيا تتسم بالتميز، وفي إحصائية - ذكرها موقع «عربي 21» مؤخراً – بلغت الصفقات التجارية بين السعودية وتركيا ثمانية مليارات دولار العام الماضي، فيما بلغت الاستثمارات الكويتية قرابة ملياري دولار، وبالنسبة للإمارات فإن عمليات شراء العقارات للمواطنين الإماراتيين في تركيا ارتفعت بنسبة 160 في المئة خلال العامين الماضيين، أما قطر فهي الدولة الأكثر استثماراً في تركيا حيث تتجاوز الاستثمارات القطرية في تركيا 20 مليار دولار.
إن اختيار دول مجلس التعاون لتركيا ضمن إحدى الدول في تحقيق التعاون الاقتصادي بجميع صوره لم يأتِ من فراغ، وإنما لما حققه الاقتصاد التركي من طفرة نوعية في السنوات الأخيرة، إذ إن الناتج المحلي الإجمالي قفز إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، بنسبة تتجاوز الـ246 في المئة، ليصل إلى 799.54 مليار دولار في عام 2015، مقابل 231 مليار دولار في عام 2002، لذلك يحتل الاقتصاد التركي المركز الـ 17 عالمياً، والسادس أوروبياً، فلا عجب أن تجذب تركيا المستثمرين إليها، وكذلك الأمر بالنسبة للبحرين ودول الخليج، فعوامل الجذب الاقتصادي موجودة بقوة بين الطرفين الخليجي والتركي.