البحرين كدولة ستظل محفوظة بإذن الله، بذكاء ملكها جلالة الملك حفظه الله، والحنكة السياسية لسمو رئيس الوزراء الموقر، وعزم سمو ولي العهد.
هذا هو الانطباع الذي يتولد بقوة من خلال متابعة زيارة جلالة الملك الأخيرة لتركيا وما أسفرت عنه من نتائج، وما تضمنتها من مواقف مؤثرة.
حمد بن عيسى رجل عبقري بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، هو يعرف تماماً كيف يجمع الدول الصديقة والشقيقة والإخوة المخلصين من حوله، يعرف تماماً كيف تدار العملية السياسية، وكيف أن في الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف.
زيارة ملكنا لتركيا بعيد فشل الانقلاب الذي سعت له أطراف خارجية على الشرعية التي اختارها الشعب التركي، زيارة لا تصدر إلا عن «معلم خبير»، ورجل سياسة «محنك».
الوضع الذي عايشته البحرين يتشابه في مضمونه مع تركيا، هذا إن تحدثنا عن محاولة انقلابية تستهدف اختطاف البلد، في ظل وجود أيادٍ خفية وأذرع خارجية، سعيها هو تدمير وحدة البلد وانتهاك أمنه، والأهم الاستيلاء على مقدراته من السلطة الشرعية.
«مرحبا عسكر»، تحية ملكنا التي وجهها لرجال الجيش التركي الذين استقبلوه في احتفاء رسمي خاص ورفيع المستوى لافت للأنظار أعده الرئيس رجب طيب أردوغان تقديراً لملك البحرين واعتزازاً بالعلاقة التي تربط تركيا بمملكتنا.
كشخصية سياسية، حمد بن عيسى رجل محبوب بين قادة الدول الشقيقة والصديقة، رجل يتسارع له الجميع لمد جسور الصداقة، ولإعلان التضامن معه، ولتأييد أفكاره، إذ رغم مساحة بلادنا الصغيرة إلا أنها كبيرة بقائدها وخطواته الجريئة، والثقة التي اكتسبها بشيمه بين الكبار.
زيارة تركيا رسالة صريحة لمن سعى لزيادة وتيرة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، فتركيا اليوم قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب، وإضعافها هدف حقيقي موجود للاعبين السياسيين الذين هدفهم إضعاف وحدة التكتلات والاتحادات المتشابكة بسمات مشتركة على رأسها الدين، ولذلك كانت الأيادي الأمريكية الإيرانية واضحة في عملية استهداف تركيا.
تخيلوا أن قناة «العالم» الإيرانية ضخت أخباراً لا تنتهي بسبب زيارة ملك البحرين لتركيا، كتبت وكأنها «تئن» خاصة حينما أشاد الرئيس التركي أردوغان بالديمقراطية البحرينية وخطوات جلالة الملك في مشروعه الإصلاحي، بل وكأنما جن جنون الإيرانيين حينما أكد أردوغان وقوف تركيا الكامل مع مملكة البحرين في حربها ضد الإرهاب الداخلي، وفي الدفاع عن شرعيتها ونظامها، وجاءت الضربة القاصمة للإيرانيين وطوابيرهم حينما أشاد أردوغان بـ»أسد البحرين» الأمير خليفة بن سلمان واصفاً إياه بـ»المحنك السياسي» وهو أمر نعرفه تماماً أهل البحرين، فرجل بقامة خليفة بن سلمان تعجز الكلمات عن وصف ما قدمه للبحرين، وعن دوره في إفشال الانقلاب الآثم، وقبله في التصدي لشاه إيران في مسعاه لاحتلال البحرين، فالشهادة له من رجل بقوة أردوغان ترجمتها بأن الأقوياء يعرفون بعضهم البعض.
جلالة الملك حفظه الله كان من أول المتصلين بأردوغان مهنئاً إياه بفشل الانقلاب، وتقوية العلاقات البحرينية التركية هي من أولوياته، وهو ما عززته زيارته، والموقع الذي وجد فيه جلالته بجانب أردوغان في افتتاح جسر السلطان سليم مثل رسالة صريحة وواضحة، بأن تركيا قلباً وقالباً مع البحرين وملكها وشعبها المخلص.
شعب البحرين أصيل وتربى على تقدير مواقف الرجال الذين يقفون معه ومع بلادهم في الحق، وتركيا كان لها الموقف المشرف في نصرة البحرين ضد المخطط الإيراني السافل والذي نفذته أذناب وعملاء خامنئي، فشكراً لتركيا وشكراً لرئيسها أردوغان الذي نقدر له موقفه تجاه البحرين وقت الشدة والأزمة، والذي نقدر له علاقته القوية بملكنا وتقديره العميق لحنكة خليفة بن سلمان.
اليوم إن كانت من محاولات غربية لعزل البحرين عن الدعم الدولي وإسناد أشقائها وأصدقائها، فإن تحركات جلالة الملك تتضمن رسالة واضحة لكل من يسعى لذلك، البحرين قلباً وقالباً مع العمق الاستراتيجي الخليجي العربي الممثل بالشقيقة القوية المملكة العربية السعودية حفظها الله، الجارة التي مهما قلنا لن نوفيها ونوفي ملوكها وقيادتها حقها، فالبحرين دائماً كانت محفوظة في عيون السعودية وفي قلب قادتها وشعبها، واليوم ها هي تركيا القوة الإقليمية الكبيرة في الشرق الأوسط والجزء الشرقي من أوروبا تقول عبر لسان قادتها وبكل صراحة «البحرين خط أحمر»، وتركيا معها قلباً وقالباً.
إن كان هناك من يفكر مجدداً في التآمر على البحرين فليفكر مرة أخرى، إن كان هناك من يحاول اللعب بالسياسة للتأثير على المواقف الداعمة للبحرين فليفكر مرات ومرات، حمد بن عيسى قائدنا رجل شهم ونظيف القلب واليد، يتعامل مع أشقائه وأصدقائه بكل نزاهة وطيبة ونخوة الفرسان، هو أول من يتداعى لهم، أول من يسندهم بالتالي هم يبادلون «الوفي» بالوفاء.
السعودية سندنا الأول والإمارات كذلك حفظ الله حكامها وشعبها، وإقليمياً ها هي تركيا التي باتت من فرط نجاحاتها تخشاها أمريكا وتسعى للتقرب منها، هي أيضاً مع البحرين.
تحالفات أساسها قواسم مشتركة، كالدين والمصير الواحد، هي ما نعول عليه في مواجهة من نعلم أنه يضحك بوجهنا لكنه يتآمر مع كارهينا من وراء ظهرنا.