البعض يستغرب من الشعب البحريني إقباله الكبير على السياحة في تركيا بعد الانقلاب العسكري الفاشل على الشرعية الدستورية، فلا يزال البحرينيون يتهافتون على زيارة تركيا ويدعمون هذه الزيارات، وكأن شيئاً لم يحدث في تركيا بتاتاً، ولربما هي رسالة مهمة من الشعب البحريني إلى الشعب التركي مضمونها المساندة والوقوف معه رغم كل الظروف، بمعنى آخر «معاكم في اليسر والعسر».
ملك البلاد المفدى حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، في الحل والترحال، أيضاً مع الشعب البحريني وقبلهم يوثق الصداقة بين البحرين وتركيا من خلال زيارته التاريخية الميمونة التي لا شك في أنها تساند القيادة والشعب التركي في جميع الأحوال، إيماناً من جلالته بأن أمن واستقرار تركيا هي من أمن واستقرار مملكة البحرين، وما الاتفاقيات بين البلدين إلا برهان واضح على أن مواقف البحرين واضحة وثابتة تجاه أصدقائها وجيرانها، وهي ليست صديقة مصلحة كما بعض الدول التي تلعب في حيز النفاق الدولي. فالبحرين دولة تتأثر بمن حولها وتمد يد العون متى احتاج البعض لمساندتها مادياً ومعنوياً، وهذه هي القيم العربية والإسلامية التي تنتهجها البحرين على مر السنين بقيادة آل خليفة الكرام الذين يحترمون الجيرة والصداقة، مفاتيحهم العهد والأمان في كل الأحوال، وهذا إرثنا الذي نتناقله على مر العصور، فهذه هي البحرين الكريمة بعطائها للجميع المتسامحة والمرحبة بكل طائفة وعقيدة لكل دولة وشعب.
«مرحباً عسكر»، صوت سعدنا بسماعه في تركيا، فالقمة البحرينية التركية سوف تأتي ثمارها بعد حين، ليس على الصعيد المحلي فقط وإنما على الصعيد الخليجي، فيما بعد. فالزيارات البحرينية هي توطيد لزيارت خليجية ومشاركة حقيقية من دول الخليج تؤكد على متانة علاقات الصداقة فيما بينهم، تجمعنا مع تركيا أواصر كثيرة ونفخر بأن قائدنا ملك البلاد المفدى هو أول قائد عربي يزور تركيا بعد الانقلاب الفاشل وهذا يترك في نفوسنا ونفوس الشعب التركي الشيء الكبير، خصوصاً أن مساعينا واحدة لمكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة التي يحاول محتضنو الإرهاب زرع الخوف والقلاقل والاضطراب في أوطاننا، فجميعنا في منظومة واحدة، البحرين في منظومة دول الخليج العربية، ومنظومة الدول العربية ومنظومة الدول الإسلامية، وكذلك تركيا تنتمي إلى المنظومة الإسلامية التي طالما وقفت وقفة الرجال وزأرت كالأسد في وجه أعداء الإسلام والإرهاب.
الزيارات الرسمية بين قادة الدول لها الأثر الطيب في نفوس الشعوب التي يراد منها خير البلاد ومد جسور التعاون فيما بينهم، والتي تهدف إلى التنمية والتطور والمزيد من أواصر الصداقة بين الشعوب، هذه الزيارات هي تعبير آخر عن الحب الذي يربط هذه الدول فيما بينها.
التقيت مرة واحدة بسفيرة الجمهورية التركية لدى مملكة البحرين هاتون ديميرير، وقد نقلت من خلال هذا اللقاء متانة العلاقات بين تركيا والبحرين، فالسفيرة التركية للأمانة تركت انطباعاً جميلاً ومريحاً عن محبتها للشعب البحريني ومدى سعادتها بأنها تمثل بلادها في البحرين، وهذا بصراحة يكفينا، تهمنا محبة الآخرين لنا ومدى ارتياحهم بأن يكونوا بيننا، هذه هي الصداقة الحقيقية التي ترتسم ملامحها عند الشدائد والمواقف كفيلة بأن تكشف الستار والقناع عن أوجه المقربين والأصدقاء، والأيام خير برهان.