أي مشروع جميل، لابد وأن تكون له استمرارية، تؤكد على ذكاء صياغته، ونجاعة تنفيذه، والتطوير في بنائه، والإبداع في مخرجاته.
باختصار، أرى ما كتبته أعلاه توصيفاً دقيقاً لمشروع شبابي طموح بدأ منذ سبع سنوات تحت مسمى «مدينة الشباب».
اليوم المشاركون في هذا التجمع الشبابي السنوي باتوا يطلقون على أنفسهم وعلى من يشاركهم في الفعاليات المختلفة مسمى «أهل المدينة»، في وصف يحمل الاعتزاز والفخر بالانتماء لهذا المشروع الجميل.
المميز في مدينة الشباب التي اختتمت فعالياتها للعام السابع على التوالي، هو الدعم الذي تتحصل عليه من أبرز مثال على تفوق الشباب وتميزهم، وأعني به سمو الشيخ ناصر بن حمد، والذي اختزل شباب المدينة وصفه في مصطلح من كلمتين يحمل دلالات عديدة.
قبل أن يخاطبوه بمناصبه، أسموه بـ «ناصر الشباب»، وهذا اللقب أراه من خلال تفاعل سمو الشيخ ناصر، يبدو الأقرب إلى قلبه، وذلك بالنظر لحرصه على التواجد الدائم في الفعالية ورعايتها لسبعة أعوام متتالية، الأمر الذي يؤكد حرصه على نجاح وتطوير هذه التجمعات الشبابية، وأن يكتب لها الاستمرارية الدائمة.
شباب البحرين محظوظون، كنت أقولها وأكررها مراراً، خاصة في ظل وجود شخصية شبابية متميزة داعمة لهم، فسمو الشيخ ناصر ليس فقط حاضراً في هذه الفعاليات ليرعاها، بل هو يطبق مفهوم الرعاية على أوسع نطاقه مثلما نشاهد ونتابع، فهو صوت الشباب البحريني الذي يصل لجلالة الملك حفظه الله، بالتالي تحظى فعاليات الشباب وبالأخص مدينة الشباب على اهتمام جلالة الملك حمد بن عيسى الدائم.
قد لا يستوعب ما نقول من يتابع المشهد من الخارج، من فقط يقرأ الأخبار الرسمية والتغطيات الإعلامية عن فعالية مدينة الشباب، إذ تحتاج لأن تكون زائراً للمدينة مطلعاً على فعالياتها، أو ينخرط أبناؤك في أنشطتها، حينها ستدرك أبعاد ما نقول.
رأينا بعيوننا كيف أن شباب البحرين ينظرون لهذه المدينة بعيون مختلفة، كيف يقدرونها، وكيف يعتبرونها جامعة لهم، مصدر طاقة ودافعية، نبض لا يمكنهم المضي بدونه، رغم قصر المدة، إلا أن الإبداع والإنتاج يتزايد ويتعاظم ويتطور كل عام. رغم المكان المحدد للمدينة، إلا أن طموحات أهلها من الشباب يتجاوز كل حدودها الجغرافية.
في مدينة الشباب تجد شيئاً غريباً بالفعل، إذ حينما نتحدث عن إمكانيات الشباب وقدراتهم وإبداعهم، في المدينة تجد كل ذلك متحققاً دون أن يتكلم أحد، ودون أن يفاخر أحد، ودون أن يشرح لك أحد أصلاً، كل ذلك متحقق بالأفعال لا بالأقوال، ترى مساهمات الشباب وتقترب من أفكارهم، والعملية الأخيرة تبعث في نفسك نوعاً من الدهشة، فالجيل القادم استثنائي في كثير من الأمور، في طريقة تفكيره، في أساليب بنائه، في تفرد ابتكاراته.
مملكة البحرين مارست «ذكاء إدارياً» مختلفاً حينما ابتكر المعنيون هذه المدينة، حينما أوجدوا حزمة عريضة كبيرة متشعبة ومتداخلة من الأنشطة والفعاليات الشبابية.
كنا نقول سابقاً بأن الدولة عليها أن تهتم بالشباب، وألا تتركهم عرضة للاختطاف السهل ممن يستغلون المنابر المختلفة، قلنا بأنه يفترض بالدولة أن تأخذ الشباب تحت جناحيها وأن تحميهم، وإلا فإن غيرها سيفعل، وبالفعل بعض الجماعات أخذت تستهدف الشباب، وأوصلتهم حتى لمستوى الإنخراط في العمليات الإرهابية وفي سلخ ولائهم لبلادهم وتوجيهه للخارج.
لكن في السنوات الماضية رأينا أن الدولة شخصت الظاهرة ووضعت العلاج، وهيأت الأرضية لاحتواء شبابها، لتطويرهم، ولحمايتهم، وكان إيكال هذه المهمة لشاب قوي طموح مثل سمو الشيخ ناصر بداية «ثورة شبابية» وطنية في البحرين.
الرائع جداً في الفعالية السنوية هذه يتمثل في خلاصتها، في حفلها الذي يختزل نتاج عمل أسابيع متواصلة، في شهادات المشاركين وأقوالهم وسرد طموحاتهم، وبيان أنهم أهل للتحديات وأن «البحرين» هي الأولى نصب أعينهم.
مثل هذه الفعاليات الناجحة، التي تسهم في بناء الوطن، وإعداد وصقل وتهيئة أهم موارده وأسلحته وهم الشباب، هي الفعاليات التي تشرأب لها الأعناق، وتلتهب الأكف بالتصفيق الحار لها.
شكراً لكل شباب الوطن، شكراً لمن حرص على إقامة الفعالية واستمرارها في وزارة الشباب، وأولاً وقبل الجميع شكراً لمن يدعم شباب الوطن ويشد من أزرهم ويحفزهم، شكراً لـ «ناصر الشباب».