مع دخول الصيف، معظم المجتمعات العربية والغربية تخطط لقضاء إجازة ممتعة في مكان ما بحسب الميزانية المخصصة، وبالتأكيد يأتي الإقبال على السفر لعدة أسباب من أهمها الخروج عن الروتين اليومي والإرهاق والتعب والجهد الذهني من العمل والدراسة، في السابق لم تشهد المجتمعات هذا الإقبال على السفر وبكثرة مثل هذه السنوات، السبب لا يعود فقط إلى الناحية الاقتصادية وقلة الموارد، وإنما أيضاً كانت المجتمعات في السابق صافية الذهن و»رايقة» أكثر من الآن، فما كانت تتعب نفسياً وما كان مزاجها متقلباً ومتعكراً دائماً كما معظم الناس الآن، الموظف على سبيل المثال يحتاج إجازة سنوية حتى وإن كان موظفاً مثالياً ومنتجاً وايجابياً وغير ملول بروتين العمل، العمل اليومي ولسنوات طويلة يهلك روح الموظف وتهلك طاقته وقوة تحمل العمل، وسوف يشعر مع دوامة العمل بأنه موظف غير منتج أومبدع كما كان، فالإجازة لبضع أيام سوف يجدد فيها نشاطه وتبعده عن تأنيب الضمير جراء إهمال روحه المعنوية، والابتعاد لفترة عن ضغوطات الحياة وما يتعرض له الإنسان من صراعات وإرهاب ومشاهد إرهابية وحروب ومكائد، كل تلك المحبطات تجعل الإنسان يكره نفسه لأنه يعيش على كوكب الأرض الذي لم يعد يسع كل الناس وهمومها، فالسفر هو علاج نفسي للأشخاص الذين يتعرضون لضغوطات عديدة.
رحلة الإسراء والمعراج لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم أشبه ما تكون بالسفرة في أيامنا هذه، فالإنسان عندما يتعرض لضغوطات كثيرة يحتاج إلى ترفيه، كالأيام التي مرت على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة كثيرة فيها من الضغوطات في الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي وأمور كثيرة توالت على الرسول من الاضطهاد والحصار وفقد أعز شخصين إلى نفسه، رحلة الإسراء والمعراج كانت تكريماً للرسول وتثبتاً له وكذلك راحة واطلاعاً، فالإسراء والمعراج كانت تهيئة لمهام أكثر ومسؤولية أكبر حتى ترسم بعدها مستقبل هذه الأمة، وهكذا تكون فائدة السفر.
تغيير المكان ونمط الحياة وتغيير المناظر والوجوه يبعث في النفس الشعور بالتجديد في كل شيء حتى في طريقة التفكير وإعطاء مساحة لاكتشاف النفس حتى بأصغر الأشياء مثل التعرف على أطباق طعام جديدة وغير معتادة والاعتماد على النفس وكيفية التصرف في بعض المواجهات والمواقف، بجانب التعرف على بعض الثقافات ولا شك في أن للسفر فوائد أخرى كثيرة وكل فائدة قائمة وتعود على الهدف من السفر سواء كانت سفرة ترفيهية أو عمل أو علاج أو حتى لمجرد السفر « وحشر من الناس عيد»، فالمسافر بعدها يعود بنشاط وطاقة متجددة.
الأهم كيف نكون نموذجاً إيجابياً في بلاد الغير بالالتزام بقوانين وعادات هذه البلد، فمن المؤسف أن نجبر الآخرين على أعرافنا ومعتقداتنا، فالفوضى التي يحدثها البعض في بلاد الغير غير مبررة أبداً حتى وإن كان يملك كنوز قارون، نسمع ونرى أيضاً بعض المسافرين الذين يظنون بأن بلد الغير هي «عزبتهم» فلا يراعون عادات أو تقاليد، ويفقدون حينها متعة السفر ويعرضون أنفسهم أحياناً للمساءلة القانونية، هؤلاء يفترض ألا يسافروا أبداً.
عموماً للسفر فوائده الكثيرة « وأهم ما فيه تحقيق المتعة الحقيقية من السفر» ..وإجازة سعيدة لكل المسافرين أو من يخطط للسفر.