بالأمس تساءلنا في خاتمة المقال، عن الإجراءات المفترض تطبيقها بحكم القانون على مرجع «الوفاق» عيسى قاسم، خاصة وأن الأخبار اليومية المتداولة تشير لضلوعه في عملية جمع وتخزين أموال، وتوظيفها لخدمة المشروع الانقلابي.
والحمد لله بعيد ظهر أمس، جاءت الأخبار الطيبة، وكيف لا تكون طيبة ومفرحة طالما كانت معنية بـ»كسر شوكة» عميل كاره للبحرين، سكتت عنه الدولة طويلاً، حلماً وسعة صدر منها.
الأخبار الطيبة بسحب جنسية عيسى قاسم، وبتهم يكثر عددها ولا يقصر، على رأسها دوره الصريح في التحريض والانقلاب على الدولة والنظام والقانون، وتحريضه على قتل رجال الشرطة، وتشجيعه الطائفية، وتقسيمه الشعب البحريني باستغلال أداة المذهبين السني والشيعي، وغيرها من تهم مثبتة، أهمها العمالة الواضحة الجلية للنظام الإيراني ومرشده خامنئي، والأخير هو من منح عيسى قاسم توصيف «آية الله».
وقبل الخوض في التفاصيل، يجب أن نؤكد على مسألة راسخة هنا، بأنه لو كان عيسى قاسم في بلد آخر غير البحرين، لما صبروا عليه كل هذه السنوات، لو كان في إيران حبيبة قلبه لقطعوا رأسه وشنقوه على أعمدة الإنارة، ولو كان في أمريكا لوجدتموه في غوانتنامو، وكذلك في الدول الغربية، وحتى لو كان في السعودية جارتنا الشقيقة العزيزة القوية لكان مصيره كمصير المحرض نمر النمر، لكن البحرين عاملته بالحسنى، منذ أن تقدم برسالته بداية ستينيات القرن الماضي لطلب الجنسية البحرينية، وحتى أثناء محاولة الانقلاب الطائفية الفاشلة المدعومة إيرانياً في عام 2011، تعاملت البحرين مع عيسى قاسم بأسلوب يفترض أن يجعله يخجل من مجرد انتقاد الدولة، لا الدعوة والتحريض على محاربتها والانقلاب عليها.
فرحة المخلصين بالأمس كبيرة، فعيسى قاسم بالأخص بعد دعوة «اسحقوه» بحق رجال الأمن، كان يمثل للناس تحدياً لإثبات شعار دولة المؤسسات والقانون، وذلك عبر ضرورة مثول المحرض أمام العدالة، وكلما كانت تتأخر عملية مساءلة عيسى قاسم، أثر ذلك على إيمان الناس وثقتهم بتطبيق الإجراءات القانونية من قبل الدولة، وهي حالة لم تكن صحية، وطالما انتقدناها، فالرجل أخل بوضعه كرجل دين، حينما أقحم السياسة في المنبر الديني، وهو تخطى حقوقه حينما أخل بواجباته وتحول لمحرض ضد الدولة، مغرراً بالشباب والبسطاء، داعياً لقتل رجال الشرطة.
اليوم، وصل صبر الدولة إلى نهايته، فالمزيد من الصبر والسكوت، ما هو إلا منح لمساحة زمنية وحتى مكانية لمن يريد أن يلملم صفوفه ويعاود الهجوم على البحرين، والتحريات الأخيرة كشفت عديداً من الخيوط المتشابكة، وكشفت أدواراً ومخططات لعيسى قاسم ضلع رئيس فيها، السكوت عنها وعدم التدخل يعني المغامرة بمصير البحرين وأهلها وأمنهم القومي.
إن كانت لعيسى قاسم مكانة دينية، فالتاريخ يشهد بأن البحرين كدولة منحته هذا الوضع، واحترمته لكونه رجل دين، وأعطته الجنسية لذلك، لكنه هو الذي في المقابل لم يحترم البحرين، لا نظاماً ولا قيادة ولا قانوناً ولا شعباً ولا مذاهب أخرى، ولا حتى من يشاركونه المذهب إن هم خالفوه التوجه السياسي. ومبعث كل هذا يعود لأصل الولاء عند مرجع «الوفاق»، وهو الأمر الذي يعرفه الجميع، ويحاول الوفاقيون وأتباعهم نفيه باستماتة، وهو أن عيسى قاسم صناعة إيرانية محضة، ولاؤه هناك في طهران وليس للبحرين، نظامه هناك عند خامنئي لا هنا في البحرين الخليجية العربية ذات القيادة الخليفية.
سحب جنسية هذا المحرض المساهم في تمزيق لحمة البحرينيين، المدافع عن الإرهابيين الذين يحرقون أرضنا، هي خطوة يجب أن تعقبها خطوات أشد حزماً وقوة، فبعد مصادرة الملايين التي جمعها قاسم من أوجه عدة، سواء أكان عبر استغفال الناس والبسطاء بذريعة «الخمس»، أو عبر مبالغ تصله من الجهات التي تدعمه من الخارج، ها هو الآن يجرد من الجنسية التي تكرمت حكومة البحرين بمنحه إياها في الستينات، فهو وكثير على شاكلته لا يستحقون حمل الجواز الأحمر واسم البحرين، هؤلاء هواهم وولاؤهم إيراني، فقدرهم جواز وجنسية جارة السوء هناك في الشمال.
ندرك بأن سحب الجنسية يعني منطقياً الإبعاد، وأقرب محطة لقاسم هي عند قدم سيده ومولاه خامنئي إيران، لكن رغم ذلك، فإن مطالب الناس المخلصين المحبين لبلاده تتركز في ضرورة محاكمته ومحاسبته على كل التحريض الذي قام به، على كل التطاول على القانون الذي جاهر به، وعلى حث أتباعه لاستهداف أمن البلاد وقتل رجال الشرطة.
كان يظن أتباعه بأن قاسم تحول لـ «تابو» لا يمكن الاقتراب منه، لكن الواقع اليوم يصحح المعلومة الخاطئة، البحرين وأمنها هو «التابو» الذي لا يجب أن يقترب منه العملاء، وقبله، اختبار صبر وحلم القيادة، هي الشعرة التي كان المفترض أن يحافظ عليها قاسم ومن معه، لا أن يقطعوها ويظنوا أن السكوت عنهم ضعف أو قبول بما يفعلونه.
قلناها مراراً، اخشَ الحليم إذا غضب، واليوم البحرين الخليجية العربية المخلصة غاضبة، بالتالي لا مكان للعميل والخائن والإرهابي إلا في مواجهة القانون.
انتهت المهمة بالفشل الذريع يا عيسى قاسم، البحرين استرجعت منك جنسيتها لأنك عميل لإيران، بالتالي اذهب لخامنئي، وعش في كنفه، ودع البحرين تتنفس بسلام.