التطرف أصبح لصيقاً ومرتبطاً بالإرهاب، بل أصبح التطرف والإرهاب سلوكاً لصيقاً ومرتبطاً بالمسلمين كما يصور ويزعم أعداء الإسلام، وهذا الفهم الخاطئ للإسلام يعاني منه المسلمون في كل مكان. إن الجهل بالإسلام ووسطيته أدى إلى ظهور تيارات ومذاهب وطوائف عديدة، وهذا جعل كل حزب يزكي جماعته، ويخون الأحزاب الأخرى، وهذا بالتالي أدى إلى تفكك الجماعة الواحدة، وأدى أيضاً إلى البعد عن الدين الإسلامي وتوجهاته السامية لحياة مستقرة بعيدة عن التطرف، وبالمناسبة الحملات الصليبية كانت تطرفاً، والتفرقة العنصرية «عنصرية اللون» تطرف، والصهيونية أيضاً تطرف، ولكن شاءت الأجندات المعادية للإسلام أن تخلق التطرف الديني والإرهاب وتلصقهما بالإسلام لتواري تطرف البعض، بل إن قلة الوعي وقلة الثقافة بالدين الإسلامي منذ الصغر وفي فترة المراهقة جعلت البعض ينساق وراء شعارات باطلة، لكنها رنانة، في العقيدة البسيطة كما القطيع، يهيم وراء من يلون الحقائق، ولا يعلم حقيقة الأمر، إنهم أكباش فداء لمعتقدات وأجندات هدامة، تهدم الكيان الإسلامي وتحط من قدر المسلمين، ومما لا شك فيه أن التنشئة وغرس بذور وسطية الإسلام في النفوس لها دور عظيم في التصدي للتطرف والإرهاب، وما سينعكس بعد ذلك من آثار في حال عدم الانصياع وراء من يدعي أنه حام للدين الإسلامي ومطبق للشريعة الإسلامية.
الأطفال والشباب كالنبته الصغيرة، إن تمت رعايتهم بالطريقة الصحيحة أصبحوا قاعدة قوية للتنمية وتطور الوطن، ودعامة قوية يعتمد عليها في التصدي للتطرف والإرهاب، هم بحاجة إلى توعية وتوجيه بصورة مستمرة، وهذه المسؤولية تقع على الجميع ليس على الأسرة فقط، دورنا ليس أن نبين ونوضح ونوجه الأطفال والشباب فقط، وإنما يقع على عاتق الجميع التصدي لأي اختراقات من قبل المتطرفين والإرهابيين، في كل مكان، ذلك لأن أسباب التطرف والإرهاب كثيرة، منها أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية وتربوية، فالمسؤولية تقع على الجميع، حتى على الشباب أيضاً، عليهم أن يتحصنوا بالمعرفة، خصوصاً معرفة الدين الصحيح، دين محمد صلى الله عليه وسلم وليس حسبما يصوره البعض بأنه قائم على العنف.
مركز عيسى الثقافي ينظم اليوم مؤتمر «شباب ضد التطرف» الذي يهدف إلى مناقشة القضايا التي تهم فئة الشباب، ومعرفة أهم العقبات والتحديات التي تعتريهم، ويشارك في المؤتمر عدد كبير من الجامعات المحلية، فدورهم في هذا المؤتمر لا شك في أنه مؤثر على الفئات الشبابية الأخرى، وسوف يتركون بصمة جادة من أجل تنشئة بعيدة عن التطرف، خصوصاً إذا تم إيصال معنى الوسطية في الإسلام، وأنه لا يمكن إلا أن يكون الإسلام والمسلمون وسطيين. مشاركة الشباب في المؤتمر بحد ذاته نقطة بداية لجيل واع ومدرك لأهمية إدماجه في المجتمع، ليحظوا بدور بارز في توعية أقرانهم من الشباب، وعليه لا بد أن تكون البرامج التوعوية للشباب مستمرة بكل أشكالها، تبدأ من الأسرة والمدرسة وتمر بمراحل عديدة منها الجامعة وبعض الجهات التي تهتم ليس بتوعية الشباب فقط وإنما تمسك بيدهم إلى بر الأمان.
مركز عيسى الثقافي ليس مجرد صرح أو مبنى ضخم وجميل، وإنما هو بالفعل مركز ثقافي، أثار إعجاب الجميع ويتردد عليه الكثيرون لينهلوا من المؤتمرات والمحاضرات الكثيرة والمفيدة، وأمنيتنا أن تستمر مثل هذه المؤتمرات والمحاضرات التي تهدف إلى الحفاظ على الشباب، وعدم تلوث أفكارهم البعيدة عن الإسلام، وإشراك الشباب في تنظيم هذه المؤتمرات والمشاركة فيها أول عتبات الانتصار على التطرف والإرهاب.