لا أجد تصنيفاً للشامتين في أوطانهم، للفرحين بأحزان أهلهم، تحت بند الممارسات السياسية «للمعارضة» إلا وصفهم بالأنذال، ولا ينطبق عليهم إلا طبع الخسة والحقارة وبالتالي لا يستحقون سوى الازدراء.
أتابع بعض الحسابات التي تصنف نفسها على أنها «معارضة» مصرية كانت أو سعودية أو إماراتية ناهيك عما يسمى «بالمعارضة» البحرينية، قلة منها التي تجبرك على احترامها رغم اختلافك معها.
مصريون يشمتون بموت مصريين، سعوديون ينشطون بنشر الأخبار الضارة بسمعة المملكة العربية السعودية، إماراتيون يكتبون ما يضر باقتصادهم، بحرينيون يضعون أي خبر مسيء للبحرين على صدر صفحاتهم أو حساباتهم، ومتى؟ في ظروف حرجه تتعرض لها أوطانهم.
قد يكون جزء من الالتباس ناجماً عن عدم وضوح الخط الفاصل بين الحكم والدولة في أوطاننا العربية، فيلتبس على المعارض موقفه المعارض هو ضد الحكم أم ضد الدولة، إنما من يضع نفسه في موقع «المعارض» السياسي عليه أن يكون على قدر من الفهم والاستيعاب ما يمكنه من الفصل والعزل بين الاثنين، فيعرف ما للحكم وما للدولة ولا يخلط بينهما، «عدم الوضوح» بين الخطين مشروع ومفهوم للمواطن العادي، إنما من يدعي أن له موقفاً سياسياً أي له فكراً وله رؤية، فعليه أن يفرق ويفصل، إنما الواقع أن قليل جداً من «المعارضين» العرب من تجد لديه القدرة على الفصل، ومن هؤلاء القلة، قلة من لديه جرأة الإعلان والإفصاح والمجاهرة بالفصل بين للحكم والدولة، فيشد على معارضة الحكم، لكنه لا يقبل أبداً بالمساس بالدولة، هذا «المعارض» إن وجد تحترم شجاعته بالإفصاح عن هذا الموقف دون ما حرج ودون ما اعتبار لفصيله الذي ينتمي له.
فلا يقبل الطعن في وطنه في الخارج، يقبل أن يعرض نفسه للخطر داخل وطنه على أن يعطي فرصة لأي طرف أجنبي أن يستفيد من موقفه المعارض، ولا يقبل أن يستعين بأي طرف أجنبي، ويرفض أن يتحدث أحد بسوء عن وطنه أمامه، ويدافع عنه في المحافل الدولية، ومؤسسات دولته وأمنها واستقرارها خطاً أحمر، ويعطي رأياً منطقياً – إن طلب منه – يخدم سمعة وطنه الاقتصادية، ويشارك أهله ومواطنيه حتى من يختلف معهم فرحهم وحزنهم.. هذا معارض محترم.
أما الغالبية ممن صنفوا أنفسهم تحت بند «المعارضة» فتجدهم يفجرون في خصومتهم للدولة بكل عناصرها فيفقدون أي حس وطني، بقدر فجورهم في خصومتهم للحكم، ولا يهمهم أن يصيب شرر خصومتهم بقية عناصر الدولة بلا ذنب اقترفوه، سواء كانت تلك البقية عناصر بشرية أم مؤسسية.
فالإساءة لمؤسسة وطنية خارج حدود دولته تعتبر موقفاً سياسياً «معارضاً» والشماتة في مصيبة لمواطنيه تعد موقفاً سياسياً «معارضاً»، وينتهزون وبشكل مقزز ظروفاً لأوطانهم حرجة كدخول دولهم الحرب أو تعرضهم لهجمات إرهابية أو خسائر اقتصادية، ويعرفون أن أوطانهم بحاجة لكل دعم، إلا أن هذه الظروف تعد مثالية لهم ليمعنوا الطعن في وطنهم.
أتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي لعل وعسى أفهم كيف تهون عليهم أوطانهم وأحاول أن أفهم سبباً مقنعاً لهذه الخسة التي يتسمون بها، فلا أجد غير الجهل واستلاب العقل، ولا يستحقون أن ينالوا شرف الخصومة، فما بالكم أن يصنفوا على أنهم «معارضة» وطنية.