لو كنتُ شرطي مرور لاستطعتُ تحرير ألف مخالفة في أقل من ساعة فقط، وذلك لو عملتُ بجد واجتهاد في شارع واحدٍ أو شارعين «بالكثير» في قلب العاصمة المنامة، لكني لستُ شرطي مرور فما علي سوى أن «أبلع» كل المخالفات التي أراها أمام عيني وأمضي مكملاً سيري نحو الجهة المقصودة بكل احترام.
خذ الشوارع الأربعة التي تتقاطع مع الإشارة «رقم خمسة» -التي يعرفها المرور جيداً- من كل الجهات، ستعرف معنى الفوضى المرورية التي يرتكب غالبيتها أولئك الآسيويون الذين يقطنون هذه المنطقة، من دون أن يكون لشرطة المرور أي تواجد إلا ما ندر، فهذه المنطقة وغيرها من ضواحي المنامة تعج بالمخالفين، خصوصاً عند حلول المساء -وهذه مشاهداتي الشخصية وليست منقولة عن فلان أو علان- فحين تتعطل في هذه الشوارع وأنت في طريقك لموعدٍ مهم أو غير مهمٍ، فتكتشف حين تقترب من «الزحمة» أن هنالك سيارات واقفة لأشخاص من جنسيات آسيوية يقومون بركنها في وسط الشارع بطريقة تنم عن استخفاف بالقوانين المرورية، ولأنهم اطمأنوا من عدم وجود شرطة مرور في هذه المنطقة وضواحيها، فإنهم يقومون بأكثر من هذه المخالفات شناعة!
هنالك مناطق تحتاج بين الفينة والفينة أن تقوم دوريات المرور بمراقبتها للتأكد من عدم وجود مخالفين فيها، وهنالك مناطق كالتي ذكرتها لا يمكن أن تخلو من وجود شرطة مرور فيها كل يوم بل كل ساعة. فهل لك أن تتخيل أن يجرؤ سائق آسيوي بإغلاق محرك سيارته وهي في قلب الشارع ويمضي دون حياء أو خجل لمنزله، مما يؤدي ذلك إلى أن تتعطل عشرات السيارات بسببه، وهذا السائق المستخف بأوقات الناس لم يقم بهذا الفعل إلا بعد أن تيقن أن الشارع الذي قام بإغلاقه لا يتواجد فيه شرطي مرور واحد، ولهذا قالوا من قبل «من أمن العقوبة أساء الأدب».
نحن نقدر كل الجهود الكبيرة التي يبذلها رجال المرور في سبيل الحفاظ على انسيابية حركة السير في كل الشوارع الرئيسة وفي الكثير من الشوارع الفرعية، لكن هنالك بعض التراخي من طرف المرور في مناطق الحورة والقضيبية والفاضل تحديداً، وكذلك في المناطق التي باتت اليوم مراكز مهمة لمساكن العمال وسط العاصمة، ومن هنا يكون تكثيف حركة مراقبة الشوارع من قبل شرطة المرور، وحتى بقية الدوريات الأمنية الأخرى ضرورة ملحة، سواء كان ذلك لأجل انسيابية حركة السير أو حتى من أجل حفظ الأمن والاستقرار، فالعاصمة المنامة هي محط كل الأنظار سواء للمواطنين أو المقيمين أو السياح، ولا يجوز أن تترك دون رجال أمن أو شرطة مرور على الإطلاق.
يجب على الإدارة العامة للمرور أن تقوم برسم خطط جديدة من أجل مراقبة شوارع المنامة التي تعشعش فيها هذه المخالفات بشكل يومي، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الكثافة السكانية لهذه المناطق إضافة لازدياد أعداد السيارات فيها، فكل ذلك يحفزنا على أن نطور من حركة مراقبة شوارع المنامة بشكل جادٍ ومكثف، ومعاقبة كل مخالف لا يلتزم بقواعد المرور فيعرض حياة الناس للخطر أو يضيع من أوقاتهم الثمينة جداً بسبب استهتاره في طريقة التعامل مع الشارع الذي هو ملك للجميع.