لقد وصل الاستهتار والإجرام الذي تمارسه كلا من روسيا بقيادة بوتين، وإيران بقيادة «الولي السفيه» التي يختبئ تحت ملابسه كل الشياطين والأبالسة والذين ربما قد أصبحوا تلامذة يتعلمون منه الإجرام وطرق الإفساد وهتك الحرمات وفن الانتقام!!
الطاغية بشار البيدق الذي تحركه أياد لم تعد خفية، وقد تجمعت كل قوى الشر العالمية لمساندته وإبقائه لأطول فترة ممكنة ليستخدم هو وشبيحته لإبادة الشعب السوري، وبإسناد وغطاء جوي روسي، وبدعم أرضي من الميليشيات الشيعية التي جمعتها إيران من كل أصقاع الأرض، بحجة حماية المراقد الشيعية، وتثبيت الحكم لأنه علوي، نصرة للمذهب، وسط مشاركة أمريكية فاعلة تتمثل بإعطاء الضوء الأخضر لكل تلك الدول، دون أن تسمح لمجلس الأمن والأمم المتحدة أن يأخذا دورهما الحقيقي في إدانتهم وردعهم وإنهاء الصراع الدائر هنالك منذ ست أعوام.
لقد دخل الروس إلى سوريا كما دخل الأمريكان أرض العراق، دون قرار أممي، والفرق بينهما أن أمريكا وحلفاءها اجتاحوا العراق لإسقاط النظام، وافترت عشرات الروايات الكاذبة والحجج الواهية، ولم ينتفض شعب العراق، ولم يطلب المعونة من أحد لإسقاط النظام القائم، فرغم كل ثغراته فقد كان الشعب العراقي يدرك تماماً أن أي تغيير للأنظمة من الخارج لا يأتي بخير، فتكاتف الشعب لمقارعة الأعداء في الداخل والخارج، وكان العراق خالياً تماماً من الخونة، فكلهم كانوا في أحضان إيران والغرب إلى يوم السقوط والاحتلال، ولا نريد الخوض أكثر في الملف العراقي رغم مرارته التي جعلتنا فاقدي المذاق، ولم نعد نتحسس حتى للشهد طعماً.
اليوم تسلك كل من روسيا وإيران والعديد من المجاميع المسلحة الإرهابية التي تحمل عناوين براقة والمدعومة من دول يتطابق نهجها لتدمير سوريا، وإيقاع أشد الأذى بها والتنكيل بشعبها، وهم يستخدمون نفس القرصنة الأمريكية فقد اجتاحوا سوريا دون تفويض وقرار أممي، وفتحت لهم الحدود على مصراعيها، وعطلت الأمم المتحدة بل كبلتها، وجمد مجلس الأمن وأرهبت المنظمات العالمية، وبعضها أرشيت لإفساح المجال للإيغال في الإجرام، وتركيع الشعب السوري والقضاء على ثورته.
دخلت تلك الدول والقوات والمجاميع الإرهابية ليس لإسقاط النظام كما حصل في العراق الذي حسم الأمر فيه خلال 21 يوماً، وانتقل من الدولة الرصينة والاستقرار إلى الفوضى العارمة والاستعمار. إنها دخلت لقمع الشعب السوري ومعاقبته لأنه ثار على طاغيته، وكيف يحصل ذلك وهو عميلهم؟
دخلت لتثبيت نظام فاشي عجزت مؤسساتهم الاستخبارية إلى حد اليوم عن إيجاد بديل له ولحزبه ولنظامه بمواصفات عمالة وخيانة تحفظ أمن الكيان الصهيوني، وهذا هو السر في التشبث به وبشبيحته وبحكومته القذرة.
ما يزيدنا ألماً وحسرة فوق ما نعانيه من انكسار في داخلنا هو أنه مازال البعض يصدق الإعلام الغربي في كل ما يصرح به ولا يرضى أن يتراجع عن وهمه. فها هي روسيا القيصرية الماكرة المخادعة أوهمت السذج قبل أسابيع أن مهمتها القتالية قد أنجزت في سوريا، وأنها ستسحب أساطيلها وقطعاتها القتالية إلا لبعض منها لغرض المراقبة. وإذ يتبين لاحقاً أنه كذب وخداع واتفاق مع الدول الكبرى الذين يعلمون حقاً أنها مراوغة المقصود منها تضليل الرأي العالمي وبالأخص الإسلامي. فما حدث من خرق لوقف إطلاق النار الهش في الأسبوع المنصرم بسبب ميل كفة القوى على الأرض في مدينة حلب التاريخية العريقة أصاب الدب الروسي بجنون، فضرب كل الاتفاقات والتحاورات ومقررات جنيف عرض الحائط، وأراد أن يلقن المنطقة درساً قاسياً بأنه حاضر في كل شاردة وواردة، وأنه موجود بقوة ومتخفٍّ عن أنظار السذج فقط، وأنه يعمل بتناغم وتناسق مع أمريكا والكيان الصهيوني.
سوف تكون حلب المحط الرئيسي للدب الروسي بعد أن يدكها ويبيد أهلها، ثم سيزحف ليلتهم أمامه بشراهة على ما حولها. وأتوقع -وأرجو من الله أن يكون توقعي في غير محله- أن أمريكا تعد لنفس سيناريو حلب التدميري قد تنفذه أو من ينوب عنها في أكثر من منطقة ومدينة ينشط فيها تنظيم الدولة «داعش» الذي اتخذته والغرب ذريعة وشماعة لتصفية حساباتها وإعادة رسم المنطقة.
فاليوم حلب حرقت وشلت وعطلت مآذنها وغداً درعا وحمص والموصل والفلوجة وسيستمر القطار الصهيو إيراني المسير بالأقمار الصناعية الأمريكية باجتياح مدننا وقضمها واحدة تلو الأخرى تارة بالتجويع، وأخرى بالقصف والتركيع، إلى أن يسخر الله من يوقف القطار المحمل بالمتفجرات أو يفجر السكة أمامه ويفجر من فيه، وما حلب إلا جس نبض وطعم وكان الله في العون وسدد خطى القيادات والحكام للخروج من هذا النفق المظلم.