خبر يثلج الصدور ذلك الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية بالقبض على مشتركين وضالعين في العملية الإرهابية بمنطقة كرباباد والتي أسفرت عن استشهاد أحد أبطالنا من رجال الأمن البواسل وإصابة اثنين آخرين من زملائه بإصابات خطيرة.
جهود رجال الأمن في حفظ أمن وسلامة البلاد والعباد واضحة ويقدرها المخلصون لهذا الوطن، ومن يغمض عينه عن ذلك فهو ينسى أنه لولا توفيق الله لهؤلاء الرجال لما نعم الناس بالعيش في هدوء وسكينة.
أكتب ذلك وصور القتل والتدمير والإرهاب والتعدي على الناس حاضرة أمام عيني مما يحصل في سوريا والعراق، ولذلك نحمد الله دوماً أن لدينا مثل هؤلاء الرجال المخلصين الذين قد نستسهل مهمتهم، لكنها تظل من أخطر المهام في ظل استمرار عمليات التحريض على الدولة ورجال الشرطة، وفي ظل استمرار محاولات استهداف الشرطة عبر سد الطرقات وحرق الإطارات وإعداد الكمائن بالمولوتوفات الحارقة وغيرها.
في الدول الغربية تعتبر عمليات التعدي واستهداف رجال الشرطة من أكبر الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي بشدة، بل لا تهاون فيها ولا قبول بأي نوع من التنازلات، فرجل الأمن لا يمثل نفسه هنا، بل هو يمثل الدولة والقانون والنظام، ويمثل أيضاً سلامة وأمن المجتمع والناس فيه من مواطنين ومقيمين، بالتالي من يتعدى على رجال الأمن فهو كمن تعدى على الجميع، وعليه هو «خارج على القانون» ويصنف في خانة «الإرهابيين» وعقابه شديد لا تراخي فيه.
لذلك فنحن نستنكر أي بيانات «معوقة» تصدر بشأن ما نعانيه من عمليات إرهابية، صادرة من جمعيات معروفة بنشاطاتها ضد الدولة ومحاولتها تأمين التبريرات والحماية لمن يمارسون هذه الجرائم، أو حتى جهات أخرى تتناسى الجريمة وفداحتها وتتحدث عن حقوق المجرمين، بينما تتناسى حقوق المدنيين، وواجبات الحفظ على الأمن الأهلي، وإلزامية احترام القانون.
رأينا صور المقبوض عليهم ومن هرب ليتجنب المثول أمام العدالة لإدراكه بأنه مجرم وإرهابي تسبب في استشهاد رجل أمن وإصابة آخرين.
لذلك فإن ما يثير الغثيان ويفرض الاستياء لدى المخلصين هم أولئك الذين يتباكون على «حقوق المجرمين» كما أشرنا إليه، متناسين أن المعادلة تقول إن من يتخلى عن واجبات المواطنة الصالحة، وينهج نهج الإرهابيين، هو الذي قام بالتنازل عن حقوقه أولاً، وعليه فإن المجرم لا حقوق له سوى المحاكمة العادلة، والتي لن تفضي منطقياً إلا للإدانة وإقرار العقوبة بشأنه.
اليوم نتحدث عن قرابة 18 رجل أمن استشهدوا بفعل هذه العلميات الإرهابية، بالإضافة لعشرات من الأبطال المصابين، وأمام هذا الرقم فإننا حين نطالب بتطبيق القانون دون تعطيل أو تطويل، فنحن إنما نطالب بتطبيق العدالة وإحقاق الحق، فجريمة القتل معروفة عقوبتها، سواء في شرع الله وهو الأساس في التشريع بالنسبة لنا كدولة مسلمة، وحتى القوانين الأخرى المعنية بالقتل مع سبق الإصرار والترصد، بالتالي لسان حال الناس دائماً ما يكرر «إلى متى»؟! المخلصون حينما يطالبون بالقصاص هم يطالبون بأقل حق يتوجب تطبيقه.
وحينما نتحدث عن ملفات الإرهاب والتخريب ومساعي قتل واستهداف رجال الأمن وإقلاق السلم الأهلي في المجتمع، فإننا نجد أنفسنا ملزمين دوماً بتوجيه التحية والتقدير والشكر لرجال الأمن البواسل، فهم العين الساهرة التي عبر تضحيات رجالها وتفانيهم تحمي المواطن في عيشه، وتعمل على ضمان الأمن والسلام من خلال التصدي للمشاغبين والإرهابيين ومثيري الفوضى، فكل التحية والتقدير لهم، إذ مهما قلنا فلن نوفيهم حقهم.
سرعة قبض رجال الأمن على المجرمين والجناة تكشف مستوى الجدية التي توليها وزارة الداخلية في التعامل مع الإرهاب، وهي رسالة لا بد وأن تصل لمن يقف وراء عمليات التحريض وحتى التخطيط ودفع الشبان الصغار وغيرهم لتنفيذ عمليات الإرهاب، بأن يد العدالة ستطالهم، وأن القانون سيأخذ مجراه بإذن الله، فلا قبول لأن يظل المجرم طليقاً دون حساب.
أخيراً، نظرة سريعة على الصور والوجوه والمعلومات المعنية بهم، تكتشف حجم الجريمة التي مارسها من يقوم بالتحريض من شخصيات معروفة وجمعيات لها ضلع في الانقلاب على الدولة والتحريض عليها وبث الكراهية في النفوس. شبان بعضهم جامعيون وبعضهم يعملون، صغار في السن، يتم اللعب بهم واستخدامهم أدوات ووقود محرقة، الآن يضيع مستقبلهم بسبب هذه الأفعال، فمن يدفع هذه الضريبة سوى أهاليهم ومن يعولون. لن تنفعهم لا جمعيات ولا شخصيات محرضة ولا غيرهم، هؤلاء من يبثون الكراهية ثم يجلسون في بيوتهم ينتظرون النتائج، بينما المنفذون هم من يقامرون بمستقبلهم ومستقبل أهاليهم.