قد أتفق مع راعية الإرهاب وصاحبة المشروع «الصفيوني» جارة السوء إيران في شيء واحد، وهو وصفها للولايات المتحدة الأمريكية بأنها «الشيطان الأكبر»، طبعاً دون إغفال كون إيران ونظام خامنئي «الشيطان الأعظم».
أقول ذلك عن الولايات المتحدة الأمريكية كونها المدعية بأنها راعية السلام العالمي، إضافة لاستعراضها بأنها أقوى قوة عسكرية في العالم، ورغم ذلك هي تكتفي بما يحصل من مجازر في سوريا بالكلام فقط.
أمريكا التي أبادت مدينتي هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية، وسيرت الجيوش لتحتل العراق تحت دعوى «مفبركة» ووصلت لقلب أفغانستان وقبلها اقتحمت فيتنام، ولا ننسى ما فعلته في حرب البلقان دون وضع اعتبار للأمم المتحدة، أمريكا التي إن أرادت فعلت دون أن تطرف لها عين، هي اليوم تكتفي بالكلام بشأن سوريا، لا تحرك ساكناً ولا تفعل شيئاً.
خمس سنوات من المجازر الدموية في سوريا وبشار الأسد جالس على كرسيه، ديكتاتور وحشي في أفعاله تدعمه إيران ليقتل شعبه، سخرت له «حزب الشيطان» ليحارب ويقتل السوريين الأبرياء، وأمام كل ذلك تجد أمريكا الوقت لتمارس «الفلسفة» على دول أخرى تحت حجج «حقوق الإنسان»، بل ويطال البحرين بعض من هذه «الهرطقة السياسية» التي يمارسها البيت الأبيض بقيادة باراك أوباما.
لكن عن سوريا، تقف أمريكا بلا حراك، تكتفي بالبيانات فقط، ونحن نعرف تماماً بأنها لو أرادت إنهاء كل ما يحصل وإسقاط بشار الأسد لما أعجزها ذلك ولحققته في أيام معدودة.
ما يحصل حالياً في حلب من «مجزرة دموية» يمارسها مجرم حرب مثل بشار الأسد في حق شعبه، مسألة لا ينبغي السكوت عنها، وسيل الإدانات الدولية لدول كبرى ومن ضمنها واشنطن أمر غير مقبول، لأن الكلام لن يوقف الإجرام، بل التدخل الدولي اليوم بات أمراً ملزماً لوقف هذه المذابح التي لم يشهدها العالم ولا حتى في الحرب العالمية الثانية.
نحن لا نتحدث عن دولة تغزو أخرى وتقوم بأفعال حرب، نحن نتحدث عن رجل يجلس على عرش من الجماجم يمارس القتل في حق شعبه والعالم يتفرج. إيران تدعمه بكل صفاقة وتقوم واشنطن بمكافأتها بإبرام تعاون ثنائي في الملف النووي بل وتفرج عن مليارات الدولارات الإيرانية المجمدة، والتي منها بالتأكيد ما سيذهب لدعم إجرام الأسد.
حتى روسيا التي تساهم في القصف الوحشي اليوم على الأبرياء، لابد وأن يضع لها المجتمع الدولي حداً، إذ منذ متى يقبل العالم بطيران حربي من دولة أخرى يقصف مدنيي دول أخرى بهدف القتل.
المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار في بيان له يوم أمس أن حصيلة ثمانية أيام دموية في حلب أسفرت عن مقتل 244 مدنياً من بينهم 43 طفلاً عوضاً عن النساء والشيوخ.
ما يحصل اليوم سقطة لشعارات السلام العالمي، وبيان لكذب الولايات المتحدة الأمريكية التي يخطئ من يصدق أنها راعية السلام العالمي.
سأحترم واشنطن فقط لو أنها قامت بعملية عسكرية -مثلما تتفاخر- تهد فيها قصر بشار الأسد على رأسه، فقط في هذه الحالة سأصدق أن أوباما تهمه أرواح السوريين الأبرياء.
الأمم المتحدة التي أصبحت بجدارة «مؤسسة القلق العالمي»، والله بات إغلاقها وتشميعها أفضل من بقائها، إذ ماذا تفيد العالم تصريحات الأمين العام بان كي مون؟! رجل دائماً يتحدث عن «قلقه» وعن «انزعاجه»، لكن ماذا تفعل منظمته؟! أين تدخلها لحماية الناس وفرض السلام؟! ولا شيء.
بل ما يجعل الدم يفور في العروق هي التصريحات المحسوبة على المنظمة الدولية والتي تحمل تناقضات صارخة، فالمفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة زيد رعد بن الحسين استنكر ما أسماه بإخفاق مجلس الأمن المستمر في إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأن هذا يعد مثالاً على أكثر أشكال الواقعية السياسية خزياً. بل مضى للقول بأن هناك قناعة لدى الكثيرين بأن القوى العالمية الكبرى متواطئة بالفعل في التضحية بمئات آلاف البشر وتشريد الملايين في سوريا.
والله نعيش حالة «عار عالمي»، شعب بالكامل يقتل وينحر، وديكتاتور دموي يفعل ما يشاء، تحميه إيران وتدعمه، ويستند على تحالفات دولية، وأمام ذلك شلل من قبل القوى الدولية التي لا تقوى على ممارسة التغطرس السياسي إلا على دول أخرى هي تمثل نماذج متقدمة في الحياة المدنية والحفاظ على حقوق الإنسان واحترام البشر.
ليت العرب والمسلمين يتوحدون ويتدخلون في إيقاف هذه الجرائم البشعة، ليتنا نشهد تحركاً يطيح بهذا السفاح ويجعله عبرة للعالم. والله التعويل على الغرب ليفعل شيئاً كما الرهان على حصان أعمى لا يعرف طريقه.
حلب تباد، وسوريا تحولت لـ«جهنم» إيرانية على الأرض، الأبرياء قتلوا وغيرهم شردوا، والعالم يتفرج وكأنه شاهد على «بيع» كل هؤلاء للشيطان.