تحركات جلالة الملك حفظه الله على صعيد السياسة الخارجية تفرض التوقف عندها بالضرورة.
فالبحرين اليوم وفي ظل قيادته تولي أهمية كبيرة للعلاقات الوثيقة التي تربطها بالإخوة والجيران والأشقاء.
بلادنا تعتبر من النماذج المشرفة للدول التي تبرز في «حسن جيرتها» وفي «صدق علاقاتها» وفي سعيها لـ «مد جسور التعاون» مع كل جهة تتعامل معنا بالمثل.
بل البحرين من الدول التي لا تقطع علاقاتها بالدول بسهولة، حتى من يسيء لنا لا نتخذ معه إجراءات قطع الصلة إلا بعد منحه الفرصة تلوالأخرى، البحرين بناء على رؤية وتوجهات جلالة الملك بلد تسامح ومحبة واحتضان للجميع، ولم تكن يوماً بلداً يفضل العيش في عزلة، أو بلداً يتعامل مع البشر وفق معايير تميز بينهم.
والدليل على ذلك الانفتاح الديني الذي تعيشه البحرين، والاحترام لتعدد الأديان، رغم أننا دولة مسلمة إلا أن البحرين تمضي على النهج الذي دعا له ديننا وأرساه رسولنا الكريم صلوات الله عليه، فأهل الكتاب ممن يعيشون بيننا لهم حسن المعاملة والاحترام وحتى المساحة الحرة ليمارسوا فيها شعائرهم دون تضييق أو تعدٍ.
لذلك حينما يزور جلالة الملك الأزهر الشريف في مصر نرى كيف هو مستوى الاحتفاء به والاحترام الموجه لمقامه، وكيف أن الناس سعدت بوجوده في أرض الكنانة، وحتى مبادرته القائمة على الصداقة بشأن الأزهر وبما يخدم ديننا الإسلام حظيت بردود فعل طيبة من قبل المصريين.
وهنا لا ننسى مواقف مصر الثابتة من البحرين، وكيف أننا شهدنا قبل سنوات أسلوب الحزم في التعامل من قبل أشقائنا المصريين مع تلك الجماعات التي حاولت الدخول لمصر أرض العروبة والإسلام لمحاولة تشويه صورة البحرين ودعم الانقلاب الموجه من قبل إيران.
ولاستكمال النقطة أعلاه فإن زيارة جلالة الملك للكنيسة في مصر أيضاً دلالة على احترام البحرين للبشر في إطار إنساني قائم على الرحمة ورفعة الخلق، وهو ما يجعل التقدير الذي يتحصل عليه ملكنا أمراً متوقعاً.
كبحريني أسعد بمثل هذا الاحتفاء برمز بلادي، هذا الرجل حمد بن عيسى هو الذي لا نقبل بأن تمسه كلمة سوء أو يقلل من شأنه أحد، هو الشخص الذي يمثل شرعية النظام في البلد بقيادته للدولة، وهو الذي تحلقنا حوله خلال الأزمة، وعليه فإن رفعة مقامه وحسن احترامه وتقديره أمر يهمنا جداً.
دلالات زيارة جلالة الملك لمصر كثيرة، لكن أهميتها أكبر من سرد هذه الدلالات، فاليوم الصف العربي يحتاج للتلاحم بشكل أقوى عما سبقه، اليوم هناك من يصنفنا على أننا تهديد مباشر لمصالحه ومخططاته وأجندته في المنطقة، فعدونا ليست إيران فقط التي تتعامل معنا باستعداء مباشر، وليست أيضاً إسرائيل المغتصبة للأراضي العربية فقط، بل عدونا اليوم يتمثل في تلك القوى الغربية التي ترى في تلاحم العرب خطورة، وفي توحد مواقفهم وكلمتهم كارثة.
جلالة الملك من خلال زياراته الأخيرة بالأخص لروسيا والآن مصر، يسير في نفس المسار الذي يمضي فيه الرجل القوي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في شأن تقديم صورة مشرفة للتلاحم العربي، وفي نفس المسار بيان حسن العلاقات والتعاون مع القوى العالمية.
الجميل في هذه الزيارات أن البحرين تمضي من خلال جلالة الملك على تعزيز الحقائق الثابتة بالنسبة للمنطقة بشكل عام، وبالنسبة للبحرين بشكل خاص، فملكنا يمضي لتوضيح الصورة بالنسبة للاستهدافات التي تطالنا، يقدم الحقيقة الكاملة لمن تغيب عنه تفاصيلها ومن تختلط عليه الأمور، وكما قال في الآونة الأخيرة وفي أكثر من تجمع ومحفل فإن التهديدات الإيرانية السافرة للبحرين لم تعد أمراً مبهماً أو غير مثبت، بل هي واضحة وضوح الشمس، وما يحصل لدينا كله «صناعة إيرانية» بامتياز.
مصر كدولة عربية لها وزنها وأهميتها، وعلاقة البحرين بهذا الكيان العربي القومي الكبير علاقة قوية وطيدة لا يهزها أي شيء، وتوثيقها وتعزيزها أمر مهم اليوم في ظل التلاحم العربي الذي نلاحظ قوته وبفضل تحركات وقيادة المملكة العربية السعودية.
مثل هذه الزيارات بين الأشقاء مهمة، فيها من الرسائل القوية تلك التي يحسب لها الأجنبي ألف حساب، وقفة القادة في صف واحد، وتلاحم الكفوف وتراص الصفوف، والتوحد بمواقف مشتركة، كلها أمور تعزز الكيانات المتقاربة والتي تجمعها أواصر متشابهة.
حفظ الله ملك البحرين في حله وترحاله، وسخر له البطانة الصالحة، وجعل سعيه خيراً لبلاده وشعبه المحب له.