إن موقف البحرين من مصر واضح وصريح وهو دعم الدولة المصرية ومساندتها في كل مراحلها اعترافاً بثقل مصر وحجمها السياسي والعسكري في المنطقة، وتقديراً لدورها في دعم البحرين واستقرارها وأمنها في مواجهة أية تهديدات، وإيمانا بأنها سوق اقتصادي واسع يلهم المستثمرين البحرينيين، ويؤسس دعائم قوية للتعاون والشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية.
لقد كانت البحرين من اولى الدول التي اعلنت صراحة تأييدها لثورة 30 يونيو 2013 في مصر، حين قام الفريق عبد الفتاح السيسي والمجلس العسكري ومن ورائهما عموم الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته، بعزل الجماعة الارهابية عن حكم البلاد، وتولي رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الدولة – وفقا لنص الدستور – وانجاز دستور جديد للبلاد، ثم فوز الرئيس عبدالفتاح السيسي برئاسة جمهورية مصر العربية في انتخابات حرة نزيهة راقبها العالم كله بمنظماته وهيئاته المتخصصة في الشأن الانتخابي، تحقيقاً لآمال الشعب المصري في أن تعود مصر للمصريين، الأمر الذي أعاد مصر إلى أحضان أمتها العربية، ودعم استمراريتها كركيزة أساسية في الاستقرار السياسي والعسكري في المنطقة، وفتح أبواب التعاون الاقتصادي والسياسي من جديد بين مصر وكل شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، هذا بجانب الدعم السياسي من خلال الإدانة الواضحة والصريحة من البحرين لكل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة ضد مصر وأمنها القومي، سواء على حدود الدولة او ضد المواطنين الابرياء، والتي تستهدف النيل من امن شعبها واستقراره وتقدمه.
هذه العلاقات المتبادلة قد انعكست اثارها ايضا على المصالح الاقتصادية المشتركة، لذا فقد تعدت قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر 2 مليار دولار، وحجم التجارة البينية اكثر من 100 مليون دولار، وحجم الصادرات المصرية للبحرين اكثر من 18 مليون دولار. كما كانت البحرين من أولى الدول التي شاركت في المؤتمر الاقتصادي العالمي لدعم الاقتصاد المصري حرصاً من البحرين على دعم مصر اقتصادياً.
لقد كانت مصر حريصة علي متابعة المشروع الاصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة، والذي بدأ بميثاق العمل الوطني عام 2001، وتأسيس دستور جديد للبلاد في 2002، وعودة الحياة السياسية للبحرين عبر تأسيس الجمعيات السياسية وتفعيل الانتخابات البرلمانية، بجانب الانفتاح الاقتصادي الذي شهدته البحرين، والذي كان من ثمراته أن تحولت البحرين لمرفأ مالي ضخم في المنطقة، نجح في جذب الاستثمارات الخليجية والعالمية، وفتح المزيد من فرص العمل أمام الشباب البحريني وساهم في بناء البحرين الحديثة، التي أصبحت نموذجاً يحتذى لكل الدول الساعية للتقدم والإصلاح والنهوض في كافة المجالات، وجميع هذه التحولات والتحديثات كانت محل تقدير ومباركة من القيادة السياسية المصرية والشعب المصري ووسائل الإعلام المصرية التي كانت تقدم تغطيتها الإيجابية نحو كل هذه التحولات في المجتمع البحريني.
كذلك فالقيادات في كلا الدولتين تؤمنان بأن السلام في المنطقة هو الهدف وأن التعاون هو الركيزة الأساسية وأن قوة كل منهما هي قوة للدولة الأخرى، وهذا ما جعل كل منهما تشارك بقوتها العسكرية في عام 1990 في هذا الهدف الإنساني والنبيل حين غزا صدام حسين دولة الكويت الشقيقة، فكانت مشاركة القوات المسلحة من كلا الدولتين ضده لإعادة الشرعية في الكويت، وطرد المعتدي وإعادة الكويت لأهلها.
إن هذا الرصيد المشترك لكلا الشعبين لدى الآخر قد جعل كل طرف يعيش على أرض الآخر، وبين شعبه، وكأنه يعيش في بلده الأصلي، يعيش آمناً على نفسه وأبنائه وماله دون خوف، بل ويلقى المعاملة الطيبة والترحيب الشديد، وهذا ما وجدته في عملي بالجامعة كأني في جامعة القاهرة التي قدمت منها، فلا شعور بالغربة أو عدم التآلف، بل العكس الشعور بالاندماج والتآلف هو المسيطر عليَ أنا وأسرتي فشعب البحرين طيب وألوف.
وفي المقابل ما إن تتحدث مع أي بحريني سافر لمصر إلا ويحدثك عن حبه وإعجابه بالمحروسة أم الدنيا، مصر الساحرة الساهرة وعن أهلها الطيبين، ومعالمها ونيلها العظيم، وجامعاتها وأزهرها وأسواقها وشواطئها ومدنها، ومطاعمها الشهيرة وأكلاتها المتميزة إلى آخر القائمة التي تعكس عبق القاهرة وتراثها الحضاري المتميز.
والمراقب للزيارة يجد أن الحب كان متبادلاً والترحيب شديدا، فجلالة الملك ومرافقيه كانوا على أرضهم الثانية، وفي بلدهم الثاني مصر، التي كانت تنتظر تلك الزيارة التاريخية لزعيم أحبوه ولبلد يقدروه ولشعب له مكانته الكبيرة في قلوب المصريين، وهذا ما جعل مصر تطلق اسم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله على واحد من أهم شوارع مدينة شرم الشيخ السياحية العالمية، تأكيداً على حب مصر لجلالته، واعترافا بمواقفه التاريخية والحالية الداعمة والمساندة لمصر، وتقديراً لمكانته الكبيرة في قلوب المصريين، حتي بات هذا الشارع مزارا لكل بحريني يذهب لشرم الشيخ، حيث يحرص البحرينيون على التقاط صور تذكارية في الشارع الذي يسمى باسم قائد البحرين وملكها جلالة الملك حمد حفظه الله.
دعائي لله سبحانه وتعالى أن يمتع قياداتنا في الدولتين بموفور الصحة والعافية وطول العمر، وان يديم على شعبينا علاقات الاخوة والمحبة والسلام والتسامح وان يعم الخير والأمن ربوع بلادنا.
* أستاذ الإعلام بجامعة البحرين