نحن دائماً ما نتوقف أمام شخصيات عظيمة وعبقريات نادرة، ونتساءل كيف استطاعت هذه الشخصيات الفذة التغلب على ما تمر به من ظروف، أحياناً تكون هذه الظروف أصعب مما يتصوره العقل والمنطق، بل تخبرنا أنه لا يمكن أن يكون الأمر كذلك.
قبل فترة قرأت مقالاً جميلاً في موقع قناة «بي بي سي العربية»، يتحدث فيه عن سبع أمور مهمة في حياة العبقري البرت آينشتاين المختلف عن غيره في العالم . وكان من شأن الإعلان عن اكتشاف موجات الجاذبية مؤخراً إثبات صحة ما ذهب إليه الفيزيائي العظيم منذ 100 سنة. أنجز آينشتاين الكثير في مجال الفيزياء، إلى الحد الذي أصبح اسمه مرادفاً للعبقرية. ولكن هناك الكثير مما لا يعرفه الناس عن الرجل.
بدأ آينشتاين تعلم العزف على آلة الكمان وهو مازال طفلاً صغيراً، وواصل العزف حتى توقف كفه الأيمن عن الحركة بالسرعة والدقة المطلوبتين عندما شاخ. وكان يعزف في الحفلات الموسيقية التي تقام لأغراض خيرية، كما كان يستخدم الموسيقى كوسيلة للاسترخاء طيلة حياته.
قال آينشتاين واسرته للصحافة مرة إنه تأخر في المشي والنطق. وقالت شقيقته مايا، في معرض كتابتها عن شقيقها الشهير، إنه عندما كان البرت ولداً صغيراً في وطنهم ألمانيا، كان المقربون منه قلقين من أنه قد لا يتعلم الكلام أبداً.
وفي المدرسة، لم ترقَ دراسة العلوم الإنسانية لآينشتاين أبداً، كما كان يواجه صعوبات كبيرة في الكتابة وكان يعتقد على نطاق واسع أنه كان يعاني من اضطراب القراءة المرضي «dyslexia»، وذلك في زمن لم تكن هذه الحالة تخضع للفحص والتشخيص الدوري.
وحسب ما قالت شقيقته، فإن مدرس اللغة الإغريقية وبخه مرة وقال له إنه لن يصبح شيئاً في حياته.
ورسب آينشتاين في امتحان الدخول إلى الجامعة، واضطر للعمل ككاتب بسيط في مكتب. ولكن في تلك الفترة، وجد الوقت الكافي لتطوير أفكاره ونظرياته.
ونشر آينشتاين العديد من البحوث العلمية، وانتقل إلى العمل في المجال الأكاديمي حيث حقق إنجازات فريدة في الفيزياء، بما في ذلك ابتكار وتطوير النظرية النسبية. وحاز آينشتاين جائزة نوبل في عام 1921.
بعد أن توفي، شرّح علماء دماغ آينشتاين وقاسوا أبعاده ووزنه، كما أرسلت عينات منه إلى مختبرات في شتى أرجاء العالم.
وتوصلت البحوث إلى أن دماغ آينشتاين تميز بأن خلاياه العصبية مرصوصة بشكل غير طبيعي الأمر الذي ربما أتاح له التعامل مع المعلومات بشكل أسرع من سواه. كما كانت المناطق في دماغه المسؤولة عن إدراك المكان والتفكير الرياضي أكبر من الحجم الطبيعي.
ولكن يقول البعض إن كل ذلك محض تخمين، وأنه من الصعوبة بمكان إثبات وجود أي علاقة بين تركيب دماغ آينشتاين وعبقريته. وعلى أي حال، يختلف حجم الدماغ بين شخص وآخر.
احتفظ اختصاصي بعلم الأمراض يدعى توماس هارفي بدماغ آينشتاين لأربعة عقود، وفي فيلم وثائقي عرضته «بي بي سي» عام 1994، شوهد الدكتور هارفي وهو يقتطع جزءاً من الدماغ ويعطيه لأحد الموجودين. ويحتفظ متحف في ولاية نيوجيرسي الأمريكية بمعظم ما تبقى من دماغ عبقري الفيزياء.
وأنا دائماً ما أتصور أن في داخل كل إنسان هناك ثمة عبقرية، ولكن لا نستطيع اكتشافها، كما لم يستطع مدرس أديسون استيعاب موهبة طالبه. فلنحاول اكتشاف المواهب التي في بيوتنا، ففي كل واحد من أبنائنا موهبة تنتظر الاكتشاف.