زيارة سريعة للمستشفى العسكري تكفي للجزم بأن المعنيين به يسعون بكل طاقتهم إلى الارتقاء بالخدمات التي يقدمها ولكن في صمت، ومن لم يقم بزيارة هذا الصرح الطبي منذ فترة – مثلي – من الطبيعي أن يتوه فيه ويدهش، فالتطويرات التي شهدها خلال السنوات القليلة الماضية تثير الدهشة بالفعل وتحرض على الكتابة ونقش شهادة للزمن. هنا بعض المعلومات التي تلقي الضوء على جانب من المشاريع التي تم تنفيذها في هذا المجمع الطبي الضخم، وكذلك المشاريع طور التنفيذ في عهد قائد الخدمات الطبية اللواء طبيب البروفيسور الشيخ خالد بن علي آل خليفة.
من تلك المعلومات أن التوسعة والتحديث شملت أغلب الأقسام والوحدات، غرفة المخاض وجناحي الولادة، قسم الطوارئ، وحدة غسيل الكلى، إدارة الخدمات الطبية الملكية، وحدة العناية القصوى، غرف العمليات، عيادات الاستشاريين، مركز الأسنان والفكين، جناح كبار الشخصيات، الممر الرابط بين المستشفى القديم والمستشفى الجديد، العيادات العامة، البدالة والبريد، صالة نيولايف، نادي 360، إضافة إلى الاستغناء كلياً عن النظام الورقي والملفات الطبية والتحول إلى النظام الالكتروني الذي سهل العمل على الأطباء وجميع ذوي العلاقة من عاملين ومرضى ووفر الكثير من الوقت. وأما المشروعات الجديدة التي أنجزت فأبرزها وحدة الحروق وموقف السيارات متعدد الطوابق، والذي بدأت الاستفادة منه أخيراً وحل مشكلة كبيرة كان يعاني منها الأطباء والموظفون، وأما المشروعات قيد التنفيذ فأبرزها مبنى العيادات الخارجية والتخصصية ومركز التدريب والبحوث.
المعلومات التي حصلت عليها تفيد أيضاً بأن مشروعاً ضخماً لا يزال قيد الدراسة، حيث يعتزم إنشاء أكاديمية طبية على مساحة 1350 متراً مربعاً، وهو مشروع يعبر عن نظرة مستقبلية تشغل تفكير قائد الخدمات الطبية لكن لن يطول الوقت حتى يرى النور، فالوتيرة التي سارت عليها المشاريع سابقة الذكر تدفع نحو الاعتقاد بأن الأكاديمية الطبية سترى النور في وقت غير بعيد إن توفرت الأموال اللازمة لتنفيذها.
بالمناسبة يمكن التوصل إلى أن هذا الصرح الطبي الكبير يسعى لتمويل ذاته بذاته، فالعديد من المشروعات التي تم تنفيذها توفر دخلاً يستفاد منه في تمويل مشاريع أخرى بهدف التوسعة والتطوير، لكن هذا الدخل يظل في كل الأحوال محدوداً ولا يغني عن الدور الذي ينبغي أن يمارسه القطاع الخاص خصوصاً في هذه المرحلة التي من الطبيعي أن يقل فيها الدعم الحكومي وقد يتأخر بسببه تنفيذ الكثير من المشاريع المهمة. فإنشاء أكاديمية طبية مثلاً مشروع ينبغي أن تزال من أمامه كل العقبات، وأن يرى النور سريعاً، لأنه باختصار أداة تطوير مهمة وأساسية، ولأنه بوابة لولوج المستقبل.
التطوير اللافت الذي شهده ويشهده المستشفى العسكري مثال للخدمات التي تسعى الدولة إلى توفيرها للمواطنين عموماً، ولمنتسبي قوة دفاع البحرين بشكل خاص، وهو تعبير عن اهتمام المملكة في العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك المفدى بالخدمات الصحية التي يشهد القاصي قبل الداني بتميزها. لعل من المناسب هنا الدعوة إلى جعل البحرين مقصداً لكل طالبي الصحة والعلاج، وأن تكون الرقم واحد بين دول المنطقة في هذا المجال خصوصاً مع توفر العوامل المعينة على تحقيق هذا الأمر سواء فيما يتعلق بالأجهزة الطبية الحديثة ومواكبة التطور في المجال العلمي، أو فيما يتعلق بتوفر الخبرات الطبية المتميزة، والتي صار البعض غير القليل من خارج البحرين يفد للاستفادة منها ويثق فيها.
لعل من المناسب هنا أيضاً دعوة قائد المستشفى اللواء طبيب البروفيسور الشيخ خالد بن علي آل خليفة إلى وضع هذا المشروع في اعتباره وتبنيه ليكتمل عقد الخدمات الطبية التي يسعى إلى توفيرها والتميز بها.