14 فبراير 2001 هو بدء عملية التحول الديمقراطي في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بإعلان ميثاق العمل الوطني. ذلك الميثاق الذي تصالح عليه الشعب مع القيادة على تفاصيل العملية الديمقراطية في البحرين واندفع المواطنون بنسبة قياسية للتصويت عليه. و14 فبراير يصادف أيضاً الاحتفال بيوم الحب حيث يندمج علم البحرين مع الورود والهدايا التي تضج باللون الأحمر وتختلط فيه الاحتفالات الوطنية بالاحتفالات الفلانتاينية. و14 فبراير هو التاريخ الذي اختارته، عن عمد، مجموعة المخربين والمغرر بهم لإعلان الأحداث الفوضوية في البحرين، وهي الفوضى ذاتها التي ضربت الوطن العربي كاملاً سنة 2011.
ليس الأمر مقتصراً على البحرين، هذا العام تمر الذكرى الخامسة على بدء اجتياح الفوضى للوطن العربي، صحيح أن تلك الأحداث تمتلك مبرراتها من الإخفاق العربي العام من تحقيق طموحات الشعوب، إلا أنها لم تكن بريئة الحركة والمقاصد.
في تونس ومصر، حيث كان يستعد المتحمسون لثورات «الربيع العربي» للاحتفال والخروج في الشوارع، شنت عليهم الأغلبية المتضررة هجوماً ضارياً وتوعدت بأن تواجه كل من يخرج فرحاً مبتهجاً، ولذلك مرت ذكرى يناير في كلتا الدولتين فاترة وقلقة ومدججة بالإجراءات الأمنية. لقد أضحى الحديث عن التغيير والمستقبل والديمقراطية، في بعض الأحيان، جريمة اجتماعية تدل على سوء التقدير وعدم مراعاة اعتبارات الأغلبية المتضررة وضعف الإحساس بالتهديدات الكارثية التي تهدد البلدين. في تونس ومصر سلمت الدولتان من الانهيار لكن سيلاً جراراً من الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية قد ثار كالبركان الذي يهدد استقرار الدولتين.
ويبدو الأمر أكثر طرافة في اليمن. ففي الوقت الذي اشترك فيه التنظيم الإخواني في اليمن مع الحوثيين لإسقاط نظام علي عبدالله صالح، ثم افترقا لينقلب الحوثيون على النظام الجديد الذي يشكل فيه «الإخوان» ركيزة أساسية، نجد أن التنظيم الإخواني في اليمن يحتفل بذكرى ثورته، وتلقي القيادية الإخوانية توكل كرمان كلمة احتفالية بثورة الشباب في فبراير. في الوقت الذي ينقسم فيه الحوثيون بين محتفل بذكرى ثورته ومحجم عن الاحتفال بها. الأمر الذي اعتبره الشريك الجديد للحوثيين وهم جماعة علي عبدالله صالح تناقضاً واضحاً من حلفائهم. ملخص المشهد في اليمن: أن الحوثيين الذين انقلبوا على نظام صالح يتحالفون معه اليوم في حربهم ضد قوات التحالف العربي، ويحتفل بعضهم مع الإخوان بذكرى سقوط نظام صالح! هل كيف يعني؟!
في سوريا وليبيا، تمر ذكرى التغيير والبلدان تغرقان في الحرب، ونذر التدخل الدولي والتقسيم تحيط بليبيا تحديداً. لم يعد العرب يجمعون على مناسبة في بلدانهم إذن!! وتلك فقرة جديدة تضاف إلى ثقافة الاختلاف لديهم.
حتى التواريخ والأيام ورزنامة الوقت صارت فتنة عربية وصارت باباً من أبواب الخلاف والاختلاف. فقد أضحى كل فصيل يصنع تاريخه بنفسه. التاريخ أصبح صناعة في الوطن العربي! ما عليك سوى أن تعلن عن شعاراتك، وتنفذ برنامجك وتسوق لمبررات وتحتفل بإنجازاتك، وليس مهماً الأثر والنتائج التي انعكست على الآخرين. المهم أنك أعلنت عن مناسباتك وأنك تمتلك من يروج لها إعلامياً واجتماعياً. وهكذا قد يصير لكل دولة تاريخان أو ثلاثة لأن لكل حدث أكثر من راوٍ!!
وكل فبراير والبحرين بلد الميثاق والتوافق والسلام.