غريب هو أمر الحب المشروط؟! فالحب وأعني هنا كل أنواع الحب، يجب أن يكون غير مشروط، فلا أتخيل مثلاً أن تحب الأم ابنها إذا كان سليماً معافى، وتكرهه لأنه مريض ومبتلى! ولا أتخيل أن تحب زوجة زوجها في وقت الرخاء، وتكرهه في وقت الشدة والضيق! ولا أستطيع أن أستوعب بتاتاً أن يكون حب الوطن مرهوناً بشرط، أحب وطني إذا قدم لي هذا المكتسب، وأكرهه وأنقم عليه إذا منع عني بعض المكتسبات.
إن الحب المشروط هو ليس بحب، ولنطلق عليه أي أسم آخر لكي لا نشوه المعنى الحقيقي للحب.
في عز الأزمات التي تعصف بأوطاننا العربية، وبعدما ذقنا من مرارة طيلة الأعوام الخمسة المنصرمة، خرجت بقناعة أن كل شيء ممكن أن يعوض إلا الوطن.
وعلى الرغم من السخط السائد لدى البعض في المجتمع عقب حزمة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الدولة، إلا أن المواطن البحريني المخلص لن يقع في الفخ مجدداً.
فمن يكتب ضد الدولة اليوم هو ليس بصديق وحبيب، بل هو إنسان يريد أن يثير البلبلة والفتنة، ويريد أن يوسع الفجوة بين القيادة والشعب، لكي يتحقق مبتغاه، ولنعي أن أصوات الفتنة تسعى لخلط السم بالعسل لتحقيق مآربها.
لا أبرئ الدولة مطلقاً، ولن أطبل لها، ولن أمجدها، وسأظل أقدم لها النقد الإيجابي والنصح البناء من باب حب الوطن.
فمن يحب وطنه لا يزيد النار حطباً، ومن يحب وطنه لا يستغل الظروف الراهنة ليشق الصف الواحد، ومن يحب وطنه لا يرفع صوته باسم الحق من أجل أن ينشر الفتنة، لا مانع مطلقاً من أن ترتفع الأصوات، ولكن يجب أن تكون هذه الأصوات ناصحة، تقدم المقترحات من أجل دفع عجلة التقدم للوطن، لا أن ترتفع الأصوات من أجل بث الفرقة والكره بين أطياف المجتمع.
نمر بوضع استثنائي يتطلب منا «الصبر»، و«توحيد الصفوف»، «والالتفاف حول قيادتنا»، لنحافظ على وطننا.
وأستذكر معكم أبيات من الشعر قد تصف بدقة الرسالة التي أريد إيصالها:
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنوا علي كرام
بلادي وإن هانت علي عزيزة
ولو أننى أعرى بها وأجوع
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى
خلاصاً لها؟ أني اذن لوضيع