”جنسيتي حق لي ولأبنائي” كان ولايزال شعاراً رناناً يختزل قضية ساخنة تتعلق بحق المواطنة للمرأة البحرينية في منح الجنسية لأبنائها بوصفها أحد القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تفرز حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي وفقدان الأمان الأسري.
يضيع أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي بين دوامة القوانين وفقدانهم فرص المساهمة في المجتمع الذي ولدوا فيه إلى جانب خلق شعور عدم الانتماء وهو من أخطر الأمور التي تؤدي إلى الانحراف والإضرار بالمجتمع، فلدى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للمرأة 5530 طلباً للحصول على الجنسية لأبناء البحرينيات المتزوجات من غير بحريني، يقابل ذلك عدد المستفيدين من منح الجنسية البحرينية لأبناء الأم البحرينية المتزوجة من غير بحريني (أرملة أو حاضنة أو مطلقة) والذي بلغ 3181 حتى نهاية العام 2012 فقط، حسب المعلن من الأرقام.
الأسبوع القادم ستكون هذه القضية على طاولة المؤتمر الإقليمي حول ( قانون الجنسية وحق المرأة في منحها جنسيتها لأبنائها)، الذي ينظمه الاتحاد النسائي بالتعاون مع منظمة الحملة العالمية لحقوق المواطنة المتساوية ( (Global Campaign for Equal Nationality Rights في 16 و 17 فبراير 2016م بفندق رامي جراند هوتيل ( منطقة السيف).
إن هذا المؤتمر يأتي ليضيء هذه القضية من جديد، وليستكمل جهود حثيثة يقوم بها المشاركون في الحملة لتوضيح أبعاد هذه القضية والمطالبة بهذا الحق الذي يضمن المساواة بين المرأة والرجل من جهة ويكفل حق انتفاع أبناء البحرينية بالجنسية وتحقيق المواطنة الكاملة لهم من جهة أخرى.
هدف الحملة العصي حتى الآن، يتمثل في تعديل المادة (4) من قانون الجنسية الحالي لعام 1963م المستبدلة بقانون رقم 12 لسنة 1989م بإضافة مفردة واحدة فقط -مبدئياً- ليصبح النص: (يُعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً أو أمه بحرينية عند ولادته)، وعليه فإن إضافة كلمتي (أمه بحرينية) فقط يحقق العدالة والمساواة للمرأة ويمنحها الحق في منح جنسيتها لأبنائها.. فكم تحمل هذه الكلمة من حمل ثقيل!
إن هذا المطلب المجتمعي يعود لأساس دستوري يتمثل في المادة الرابعة من الباب الثاني? (?المقومات الأساسية للمجتمع?)، وأيضاً المادة 81 من الباب الثالث? (?الحقوق والواجبات العامة?)، كما يستند على المواثيق والاتفاقات والإعلانات الدولية، وخاصة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أعود بالذاكرة هنا إلى استطلاع رأي قامت به الحملة الوطنية للجنسية بالتعاون مع جريدة الوطن عام 2010، جاء فيه أن 84% من جملة المصوّتين البالغ عددهم 965 مشاركاً يعتقدون بحق المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني في أن تمنح جنسيتها لأبنائها، في حين رأى 81% من جملة المصوتين أن تعديل قانون الجنسية يعتبر من الأولويات الهامة في تحقيق المواطنة الكاملة للمرأة البحرينية، بينما رأى 81% أيضاً أن الإبطاء أو التعطيل في تعديل قانون الجنسية أمر غير مبرر، ويسهم في استمرار معاناة المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني.
لقد انضمت البحرين للحملة الإقليمية لحق المرأة بالجنسية في شهر نوفمبر 2004 م أثناء حضور الاجتماع الإقليمي الثاني في بيروت، وبدأت المشاركة الفعلية في شهر مايو 2005م، وسبقت هذه التواريخ مطالبات البحرينيات وأبنائهن من خلال مؤسسات المجتمع المدني وتحديداً النسائية منها، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن ثمة نماء في الوعي الاجتماعي بأهمية هذه القضية وأبعادها، إلا أن عجلة التغيير التي يراد لها أن تصيب تعديل النص القانوني وما سيفتحه من آفاق أمام مجموعة من الأسر لايزال مطلباً شرعياً يحلم به المتضررون كل يوم.