الإيراني علي السيستاني صاحب النفوذ الأوسع على جزء كبير من الشيعة في الدول العربية، يعلن التوقف «إلى حين» عن تدخله في النشاط السياسي في العراق، فذكرت لذلك أسباباً والواقع يؤيد غيرها.
منذ التهيئة لاحتلال العراق قبل 2003 وحتى اليوم والسيستاني كان صاحب الدور الأسوأ في العراق، فهو من وقف خلف الترحيب الشيعي لذلك الاحتلال، وكان دوماً العنوان الذي يذهب إليه الأمريكيون ليقود لهم شيعة العراق حيثما شاءوا، فكان خير عون «للشيطان الأكبر»، ولتكن الممانعة نشيد المغفلين، وهو من وقف خلف كل الأحزاب الشيعية، وقدم لها الدعم وأضفى عليها القداسة لتتمكن من حكم العراق، وباسمه أطلقت الفتاوى التي توجب على الشيعة انتخاب الأحزاب الشيعية الدينية وتحرم عليهم انتخاب غيرها، بل أكثر من ذلك حتى «سنة» العملية السياسية لم يصلوا إلى مناصبهم الكرتونية إلا بعد أن مروا بسردابه في النجف، وآخر جرائمه كانت توحيد الميليشيات الشيعية وضمها تحت عنوان «الحشد الشعبي» وتضخيم أعدادها من خلال الفتوى التي أصدرها لهم، لتنطلق بعد ذلك هذه الميليشيات وتمارس أعمالها الإرهابية فتجتاح مناطق العرب السنة وتخطف وتقتل الناس وتمثل بجثثهم، وتحرق البساتين وتفجر المنازل، وتمارس أعمال السلب والنهب، وتهجر الآمنين لتبدأ عملية التغيير الديموغرافي، كل هذه الأعمال يتحمل جزء كبير من مسؤوليتها السيستاني المحرض الأول عليها، حصل ذلك وامتلك كل هذا النفوذ مع أن أحدا لم يره يلقي خطبة أو يسمع له خطابا صوتيا، فقط هناك وكلاء، فأي أتباع أولئك الذين لم يسمعوا من يأتمرون بأمره؟!
حتى هذه المرة عندما أعلن أنه سيتوقف عن التدخل في الأنشطة السياسية، جاء هذا الإعلان عن طريق وكيله في كربلاء أحمد الصافي في خطبة الجمعة الماضي – فالسيستاني لا يصلي الجمعة أصلا ولا يخطب – وقد اعتاد هذا على قراءة نص مكتوب من السيستاني في الخطبة الثانية يوجه من خلاله السياسيين لما يريد في إدارة الشأن العراقي، وبعد هذا الإعلان بدأ أتباعه يقدمون له الأسباب وكلها تدور حول أن السيستاني محبط من أداء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بسبب فشل برنامجه الإصلاحي، وأنه يرفع المشروعية عن اللصوص في العملية السياسية، وأن «الحشد الشعبي» لم يعد مسيطرا عليه.
كل هذه الأسباب لا قيمة لها والواقع أن هناك طبخة جديدة تعدها أمريكا للعراق، وأن ميليشيات السيستاني المسماة بـ «الحشد الشعبي» لا مكان لها في هذه الطبخة، وكثير من السياسيين الحاليين لن يكون لهم مكان فيها، ومن غير المستبعد أن تكون أمريكا هي من أوعزت له بالسكوت والإعلان عن عدم تدخله في الشأن السياسي، حتى إذا ما نفذت السيناريو التي تعده وطال الميليشيات وبعض السياسيين وكلهم محسوبين عليه، قال السيستاني لا شأن لي بهم وقد أوقفت تعليماتي لهم منذ فترة، وهكذا بعد 13 سنة من التأثير على سياسة العراق يتوقف السيستاني «مؤقتاً»، بعدما خربها وقعد على تلها.