في اليوم العالمي لمرض السرطان، نصطدم بأرقام مخيفة للغاية جداً فيما يتعلق بالأعداد المصابة بهذا المرض الفتاك، وبالأعداد التي تقضي جراءه، وفي المحصلة، يبدو أن السرطان آخذ في الانتشار بصورة مرعبة، ولن يوقفه سوى أن تغير الشعوب الحديثة نمط عيشها وأسلوب تغذيتها وبعض العادات والممارسات غير الصحية التي أصبحت جزءاً من ثقافتها، ناهيك عن انخراط المجتمعات الحديثة للعيش بطريقة رقمية بعيداً عن الحياة البسيطة التي عاشها من كان قبلنا من أجدادنا الأصحاء.
تشير التقارير العالمية إلى أن الوطن العربي ينحدر وينساق وراء هذا المرض، حيث أكدت تلكم التقارير بأن المرض الخبيث يودي بحياة 72 ألف شخص في مصر سنة 2014، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية. أما في المغرب فيتسبب مرض السرطان بوفاة أكثر من 22 ألف شخص في السنة، في الوقت الذي تسجل ما بين 40 و45 ألف حالة إصابة جديدة، كل عام. ويصل عدد الوفيات السنوية في الجزائر جراء مرض السرطان 21.900، في ظل تزايد حالات الإصابة بالمرض بين الأطفال. وبتونس، يفارق نحو 7300 شخص الحياة كل سنة، بعد معاناة مع السرطان، فيما يبلغ عدد الإصابات الجديدة 12 ألفاً. وتقول منظمة الصحة العالمية إن 30 بالمائة من وفيات السرطان ترجع أسبابها إلى 5 عوامل هي: ارتفاع كتلة الجسم، وعدم تناول الفواكه والخضراوات بشكل كافٍ، وقلّة النشاط البدني، وتعاطي التبغ، وشرب الكحول. وتقدر المنظمة تسبب مرض السرطان بوفاة ما لا يقل عن 15 مليون إنسان كل سنة، أي أن شخصاً واحداً يموت على الأرض بسبب السرطان كل ثانيتين!!
في مقابلة أجرتها صحيفة «الوطن» العام الماضي مع رئيس جمعية البحرين لمكافحة السرطان استشاري أمراض الثدي والجراحة العامة الدكتور عبدالرحمن فخرو، أكد أن أعداد المصابين بمرض السرطان في البحرين تتأرجح بين 15 إلى 20 ألفاً، بينما يشير تقرير لقناة «سكاي نيوز» الى أن عدد الوفيات في البحرين من السرطان قد بلغت نحو 400 سنوياً، وهذا الرقم مخيف للغاية مقارنة بعدد النسمات في هذه الجزيرة الصغيرة.
يجب أن تبذل الدولة المزيد من الجهود لفرملة هذه الأعداد الزاحفة نحو الموت، وأن تقوم بعمل حملات توعوية ضخمة ومستمرة للحد من انتشار هذا المرض الفتاك، كما يجب على مجتمعنا البحريني أن يكون أكثر وعياً بمخاطر هذا المرض، وتجنب كل مسبباته الرئيسة، وتغيير نمط التغذية وأسلوب العيش خارج عالم الإسمنت والدّعة والراحة، واللحاق بعالم الحياة البسيطة التي تعتمد على الحركة والطعام الصحي وغيرها من الأسباب التي يمكن أن تجنبنا الكثير من أمراض السرطان، فهذا المرض لن يرحم الصغير ولا الكبير حين ينشب مخالبه في جسد لا يستطيع أن يمنعه إذا دخل إليه دون استئذان، فهل سنغير من طريقة حياتنا؟ أم سنقدم كل حياتنا لمرض يتربع فوق موائدنا وفي كل تفاصيل حياتنا؟ جرعات من الوعي في اليوم العالمي للسرطان، ربما تنقذ غافلاً أو جاهلاً، وكفانا الله شر الأمراض.