في بيانه الأخير أكد المكتب السياسي لجمعية «المنبر الوطني الديمقراطي» على «حساسية الوضع الراهن ودور ومسؤولية كل الأطراف والقوى السياسية في البحرين للحفاظ على الوحدة الوطنية بالوعي لأي محاولات مشبوهة تريد جرنا إلى حالة جديدة من الانشطار والفرقة والانقسام»، ودعا «كل الأطراف الوطنية المعنية والغيورة على مصلحة البحرين إلى القيام بدورها المسؤول في هذا الميدان، ووضع المحافظة على الوحدة الوطنية والتصدي لبذور الفتنة الطائفية في صدارة أولوياتها»، كما دعا إلى «بلورة عمل جماعي مشترك يترجم موقف هذه القوى والهيئات والمؤسسات الرافضة بحزم لجرنا إلى المستنقع الطائفي والعبث بمقومات الوحدة الوطنية»، وأكد «أنه سيظل داعماً ومسانداً وعلى أتم استعداد لبلورة جهد وطني مشترك في هذا المجال».
المكتب السياسي لهذه الجمعية دان أيضاً «استمرار محاولات جر بلدان المنطقة إلى الفتنة والمستنقع الطائفي، خاصة عبر تفجيرات ومحاولات مشبوهة، وأدان في هذا السياق التفجير الذي وقع أخيراً في الأحساء بالمملكة العربية السعودية والذي أودى بحياة أبرياء من المواطنين»، وطالب «بالوقوف بحزم ضد كل محاولات جر بلدان المنطقة إلى التوتر أو الفتنة».
هذا نموذج مهم للعمل السياسي لا يتوفر للأسف لدى جمعيات سياسية عديدة تعتبر نفسها من «المعارضة»، ولا لتلك الحركات الدخيلة على العمل السياسي، والتي تتخذ بدلاً عنه الصراخ والعويل نهجاً وطريقاً، وتعتقد أنه يمكن أن يقودها إلى ما تريد.
كل ما احتواه بيان «المنبر التقدمي» لا يختلف عليه أحد بما في ذلك الحكومة، فالجميع يؤكد حساسية الوضع الراهن، وكل ذوي العقول يتفقون على أن على كل الأطراف والقوى السياسية الغيورة على مصلحة البحرين مسؤولية الوقوف في وجه كل من يريد بنا الفتنة والانقسام، وكل وطني لا يقبل منه أقل من أن يضع المحافظة على الوحدة الوطنية والتصدي لبذور الفتنة الطائفية في صدارة أولوياته. كما إن كل هؤلاء يدعون إلى «ضرورة بلورة عمل جماعي مشترك يترجم موقف هذه القوى والهيئات والمؤسسات الرافضة بحزم لجرنا إلى المستنقع الطائفي والعبث بمقومات الوحدة الوطنية».
المرحلة التي يمر بها هذا الوطن العزيز تتطلب وعياً وتفكيراً في هذا المستوى الذي يعني في بعض صوره أن المؤمنين به يعترفون بالآخر، ولا تحركهم العواطف وإنما يتركون للعقل كي يعمل ويعينهم على اختيار الطريق الصحيح.
المؤسف أن الكثير مما يطرحه ذلك البعض الذي يفتقد إلى ألف باء السياسة بعيداً عن لغة العقل، ويعتمد العاطفة أسلوباً للتحكم في العامة، فهو يعرف جيداً أن طريق العقل سيحرفه عن الطريق غير القويم الذي ينشده فيخسر وينتهي أمره.
هذه المقارنة بين الفريقين مهمة، وتكشف عن مفارقة واضحة في توجهات «المعارضة» في حال تم احتساب ذلك البعض منها، فبين ما احتواه بيان «المنبر التقدمي» وتحتويه بيانات جمعيات سياسية أخرى – ربما باستثناء «الوفاق» – وبين ما تحتويه بيانات «زيد وعبيد» فارق كبير، الأول منه يسهم في إنقاذ الوضع وإخراج البلاد من كثير من مشكلاتها، والثاني يزيد من مشكلاتها ويدخلها والمواطنين في متاهات لا يستطيعون الخروج منها. الأول يستند إلى العقل والمنطق والنظرة الثاقبة، والثاني يستند إلى العاطفة وغياب العقل والحكمة. من هنا صار لزاماً على الجمعيات السياسية عدم الاكتفاء بالقول «بأنها ستظل داعمة ومساندة وعلى أتم استعداد لبلورة جهد وطني مشترك في هذا المجال»، وإنما أن تبادر بإيجاد مشروع وطني تتشارك فيه وتتواصل من خلاله مع الحكومة التي لن تتأخر عن الدخول معها فيه كي يصل الجميع إلى بر الأمان.
توفر مثل هذا المشروع والإصرار على قيام الجمعيات السياسية بدورها الوطني من شأنه أن يهمش كل دخيل على العمل السياسي ويعجل في حل المشكلة.