أكملت قوة دفاع البحرين يوم أمس الخامس من فبراير، 48 عاماً من التأسيس، أي ما يقارب نحو نصف قرن لهذه القوة، التي تعتبر الدرع الحصين للوطن في الذود عن حياضه من المخاطر والتهديدات الخارجية، من خلال الجاهزية واليقظة والتأهب لحماية أمن واستقرار المملكة، وهذا جاء بفضل من الله تعالى، ثم بالدعم المستمر والمتابعة الحثيثة من القائد الأعلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مؤسس هذه القوة بفكره الاستراتيجي، فجلالته هو باني نهضة القوة التي أصبحت تضاهي أحدث الجيوش تنظيماً وتسليحاً.
وتزامناً مع احتفالاتنا في المملكة بالذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس قوة الدفاع، فإن افتتاح جلالة الملك لمركز العمليات البحري لدول مجلس التعاون الخليجي الموحد الذي ينضوي تحت القيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، والذي أقر القادة إقامته في البحرين، يأتي ليؤكد على مدى التعاون العسكري الوثيق بين دول المجلس، ولما لهذا المركز من أهمية في حماية الحدود البحرية لدولنا الخليجية، لردع أية دولة كانت بعيدة أو قريبة من التفكير في المساس بأمننا القومي الخليجي، فهذا المركز البحري الخليجي هو أحد ثمرات التلاحم والترابط بين حكومات وشعوب دول مجلس التعاون ويجسد الروح الخليجية الواحدة في التصدي للتحديات وتأمين حرية الملاحة انطلاقاً من المصير الواحد.
كما إن مملكة البحرين وفي إطار العمل العسكري المشترك بين قوات دول مجلس التعاون والتكامل الخليجي في المجال الدفاعي، فقد خصص جلالة الملك قطعة أرض لتوسعة مقر القيادة المتقدمة لقوات درع الجزيرة المشتركة الذي يتخذ من المملكة مقراً له، هذا الدرع لن ينسى البحرينيون طلائعه حين دخلت إبان أزمة فبراير 2011 بعد أن شهدت بلادنا أحداثاً مؤسفة لزعزعة الأمن وترويع الآمنين من المواطنين والمقيمين، وجاءت تلك الطلائع انطلاقاً من مبدأ وحدة المصير وترابط أمن دول مجلس التعاون الذي يقف صفاً واحداً لا يتجزأ في مواجهة أي خطر تتعرض له أي من دوله.
ومهما كتبنا فإن الإنجازات التي تحققت في قوة دفاع البحرين لا يمكن الإحاطة بكل جانب من جوانبها في أسطر قليلة، فهذه المنظومة لم يكن أن تصل لما وصلت إليه وأنجزته خلال عمرها الزاهر، إلا بفكر قائدها الذي استقرأ المستقبل، وكان معالي القائد العام لقوة الدفاع المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة هو الرجل الذي ساند جلالة الملك وشاركه بناء منظومة قوة الدفاع منذ لحظاتها الأولى حتى اكتمل البناء، وأصبح اليوم شامخاً، وهذا جاء من خلال إدارة وحنكة القائد العام الذي وبنفسه يتابع حتى أدق التفاصيل ويسعى جاهداً للارتقاء بالقوة من حيث الاهتمام بالعنصر البشري البحريني في مجالي التدريب والتسليح لضباط وأفراد الجيش، فضلاً عن رفد القوة بأفضل وأحدث الأسلحة والمعدات التي تساهم في الجاهزية القتالية للدفاع عن مملكة البحرين ومكتسباتها التاريخية والحضارية.
وإننا إذ نؤكد على ما قاله جلالة الملك بأن قوة دفاع البحرين أثبتت أنها قوة استقرار إقليمي تسهم في تثبيت الأمن في المنطقة وتحدي الصعاب من أجل أن يعم الخير للجميع، وما مشاركة أبناء البحرين من رجال قوة الدفاع في أداء واجبهم النبيل في ميادين البطولة والشرف ضمن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في إطار عملية «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» في اليمن ومساندة الشرعية هناك، إلا دليل على نصرة الحق وإرساء قيم العدل، فرجال البحرين دائماً رهن إشارة جلالته وهم على قدر المسؤولية التي كلفهم بها في حماية الوطن والأمة والحفاظ على عزتها وكرامتها من المتربصين بها الذين يسعون إلى الإخلال بميزان الاستقرار في منطقتنا ومحيطنا الخليجي والعربي.
* همسة أخيرة:
مع الذكرى الـ 48 لتأسيس قوة دفاع البحرين وافتتاح جلالة الملك لمركز العمليات البحري الموحد لدول مجلس التعاون، لم ينس جلالته أن يستذكر ويترحم على شهداء الواجب الوطني البواسل الذين ضحوا بأرواحهم الزكية الطاهرة من أجل وطنهم وأمتهم، والذين نسأل الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته ورضوانه وأن يسكنهم فسيح جناته مع الشهداء والصديقين.