طبيعة الإنسان في أنه دائماً عجول ويتصور الأسوأ، فإذا أصابته مصيبة ما، مالية أو صحية أو نفسيه تسوّد الحياة في عينيه، ويبدأ بسلسلة من التبرم والشكوى وندب الذات والظروف والحظ السيئ والدولة والآخرين، ويضع القوائم الطويلة التي سببت له هذه الأزمة، وهو لا يعرف أن الكل يمر بأزمة، ولا يعرف معنى «اشتدي يا أزمة تنفرجي»، ولا يعرف أن الله دائماً يريد له الأفضل، حتى إن ظن أن هذا الأفضل لن يأتي، وأنه لا محالة سوف تنتهي حياته بكارثة.
قد تفوتنا طائرة، وقد نتأخر عن موعد مهم، وقد نطرد من أعمالنا، وقد تصيبنا بعض الأمراض المستعصية، وقد لا نكون على ما نريد ونحلم في الكثير من الأيام، ولكن هذه لذة الحياة، «يوم حلو.. ويوم مر».
من الطبيعي أن نمر بظروف صعبة، أحياناً يتصورها البعض بلا نهاية، أو كما يقول البعض كأنها نهاية العالم، الظروف الصعبة، من خلال القانون الكوني، لابد أن تتغير، فالتغير سنة الحياة، منها نرى حركة الحياة في المد والجزر وتعاقب الليل والنهار، وتبدل الفصول، فلا أحد يتصور أن الشتاء سيبقى أكثر من وقته، له وقت وينتهي، لتأتي الفصول الأخرى وتقوم بدورها الطبيعي.
ودائماً ما أرى، من خلال التجربة الحياتية، أن كل أزمة يمر بها أي إنسان، ما هي إلا امتحان لقوة صبره، وقوة تحمله من أجل تجاوزها إلى مرحلة السعادة والرضا والسرور.
لنقرأ معاً هذه الحكاية الجميلة والتي تعبر أجمل تعبير عن المثل الشعبي الذي يقول بكل ثقة، «كل تأخيرة فيها خيرة»، وكيف أن الله سبحانه وتعالى يخبئ لنا الأفضل الذي لا نراه، تقول الحكاية:
«خرج رجل في سفر مع ابنه إلى مدينه تبعد عنهم قرابة يومين، وكان معهما حمار، وضعا عليه الأمتعة، وكان الرجل يردد دائماً قول: ما حجبه الله كان أعظم! وبينما هما يسيران كسرت ساق الحمار في منتصف الطريق، فقال الرجل: ما حجبه الله عنا كان أعظم! فأخذ كل منهما متاعه على ظهره وتابعا السير، وبعد مدة تعثر الرجل بحجر أصاب رجله، فأصبح يجر رجله جراً، فقال: ما حجبه الله عنا كان أعظم! فقام الابن وحمل متاعه ومتاع أبيه على ظهره، وانطلقا يكملان مسيرهما، وفي الطريق لدغت الابن أفعى فوقع على الأرض وهو يتألم، فقال الرجل: ما حجبه الله عنا كان أعظم! وهنا غضب الابن وقال لأبيه: أهناك ما هو أعظم مما أصابنا؟!
وعندما شُفي الابن أكملا مسيرهما، فوصلا إلى المدينة فإذا بها قد أزيلت عن بكرة أبيها بسبب زلزال أبادها بمن فيها، فنظر الرجل لابنه وقال له: أنظر يا بني، لو لم يُصبنا ما أصابنا في رحلتنا لكنا وصلنا في ذلك اليوم، ولأصابنا ما هو أعظم وكنا مع من هلك في هذه المدينة!!
وتنهي الحكاية بقول ناقلها. ليكن هذا منهجاً لحياتنا اليومية، لكي تستريح القلوب من القلق والتوتر!
علينا أن نعلم أن ما أصابنا من حزن وهم يمكن أن يكون خيراً لنا، إذا أصابتك مصيبة، قل الحمد لله على كل حال آلاف المرات، بهذا تكون قد بدأت الخطوة الأولى في طريق انفراج الأزمة.