عواصم - (وكالات): مر أمس عام كامل على بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي خلّف - حسب منظمات دولية وحقوقية - آلاف القتلى والجرحى، كما أدى إلى تهجير سكان مناطق بكاملها، فيما ذكرت صحيفة «إزفستيا» الروسية أن موسكو عززت قاعدتها الجوية في سوريا بعدد من قاذفات القنابل وتستعد لإرسال طائرات هجوم أرضي إلى هناك في الوقت الذي تكثف فيه دعمها للقوات الحكومية السورية بعد انهيار خطة لوقف إطلاق النار.
وتسببت غارات الطيران الروسي في مقتل 3 آلاف مدني بينهم 750 طفلاً و500 امرأة، كما أنه أخلى بالكامل قرى جبل التركمان بريف اللاذقية من سكانها، وكذلك فعل في ريف حلب الشمالي. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن الطيران الروسي تعمد استهداف التجمعات السكنية والأسواق، ودمر 50 مركزا طبيا وأكثر من 100 مركزٍ تعليمي وديني، وأضافت أن الطيران الروسي دمر أيضا 5 مخيمات للاجئين و20 تجمعاً سكنياً ونحو 60 من البنى التحتية.
ووثق «المعهد السوري للعدالة» مقتل 1768 مدنياً في مدينة حلب، جراء الغارات الروسية منذ بداية التدخل الروسي المباشر في سوريا منذ الأول من نوفمبر الماضي، وأضاف المعهد أن من بين القتلى 501 طفل،و203 نساء، و21 طبيباً، و13 منقذاً من الدفاع المدني، و12 عضواً في الهيئات الإغاثية والخدمية، و7 إعلاميين.
واستخدمت روسيا 13 نوعاً من الأسلحة المحرمة دولياً ألقيت على مناطق المعارضة في سوريا، بحسب منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومن رايتس ووتش».
وعلى الأرض، استطاع النظام بمساعدة الروس السيطرة على أغلب ريف اللاذقية الشمالي، وإغلاق بوابة درعا الشمالية المتمثلة ببلدة عتمان. ووصل النظام إلى بلدتي نبل والزهراء المواليتين له في ريف حلب الشمالي، واستعاد مساحات واسعة من ريفها الجنوبي. وتمكن النظام بمساعدة الطيران الروسي من حصار أحياء المعارضة في حلب، ليفتح فصلاً جديداً من المأساة لأربع مئة ألف إنسان، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إنقاذهم.
وفي تطور آخر، أعلنت الأمم المتحدة أنها شكلت «لجنة تحقيق» مكلفة تسليط الضوء على الهجوم الأخير الذي استهدف قافلة إنسانية في سوريا. وأسفر الهجوم عن مقتل 18 شخصاً في 19 سبتمبر الماضي في أورم الكبرى غرب حلب شمال البلاد. واتهمت واشنطن موسكو التي نفت أي مسؤولية عن الهجوم. في غضون ذلك، حققت قوات النظام تقدماً ميدانياً شمال ووسط مدينة حلب على حساب الفصائل المعارضة، بدعم جوي من الطائرات الروسية.
في هذا الوقت، وبعد نداءات الحكومات والأمم المتحدة، توالت دعوات المنظمات غير الحكومية لوضع حد لمعاناة مدينة حلب، حيث تحاصر قوات النظام السوري أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية تحت وابل من القصف الجوي الذي أوقع مئات القتلى والجرحى. ودعت منظمة «أطباء بلا حدود» إلى وقف «حمام الدم» في حلب، بعد ساعات على تأكيد منظمة «سيف ذي تشيلدرن» أن الأطفال لم يعودوا بأمان في حلب حتى تحت الأرض بسبب استخدام «قنابل خارقة للتحصينات» في القصف.
على الرغم من المعاناة الإنسانية، تبقى آفاق أي تسوية مسدودة، لا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة أنها على وشك تعليق محادثاتها مع روسيا بشأن تسوية النزاع السوري.
وبعد 8 أيام على إعلانه بدء هجوم هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، تمكن الجيش السوري بدعم من الغارات الروسية من التقدم على محورين شمال ووسط المدينة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسيطرة قوات النظام على منطقة المشفى الكندي شمال مدينة حلب والذي كان تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ نهاية 2013. وكانت القوات استعادت الخميس الماضي السيطرة على مخيم حندرات «للاجئين الفلسطينيين سابقاً» الواقع شمال مدينة حلب والذي يشهد منذ أسابيع معارك عنيفة وتقدماً من أحد الطرفين ثم تقدماً مضاداً.
ووسط المدينة، دارت معارك عنيفة بين الطرفين في حي سليمان الحلبي، حيث تمكنت قوات النظام من تحقيق «تقدم بسيط»، وفق المرصد السوري الذي تحدث عن «معارك كر وفر» تزامنت مع قصف على محطة المياه الموجودة في الحي.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «تتبع قوات النظام في حلب سياسة القضم، في محاولة للسيطرة على الأحياء الشرقية».
وترد الفصائل المعارضة على هجمات القوات النظامية والمجموعات المسلحة الموالية لها بإطلاق القذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام.
وأحصى المرصد مقتل 216 شخصاً بينهم أكثر من 40 طفلاً جراء الغارات الروسية والسورية منذ بدء الهجوم.
إنسانياً، دعت منظمة أطباء بلا حدود «الحكومة السورية وحلفاءها إلى وضع حد لأعمال القصف التي تغرق المدنيين في حمام من الدم»، محذرة من أن المدينة كلها «تحولت إلى هدف ضخم». ودعا مدير العمليات في المنظمة خيسكو فيلالونغا في بيان الحكومة السورية إلى وقف «أعمال القصف المنظمة»، معتبراً أن «روسيا، بوصفها حليفاً سياسياً وعسكرياً لا غنى عنه لسوريا، تقع على عاتقها مسؤولية ممارسة نفوذها لإنهاء ذلك».
وكان مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين اعتبر أن الوضع في حلب هو «أخطر كارثة إنسانية تشهدها سوريا حتى الآن»، مشيراً في عرض أمام مجلس الأمن إلى أن النظام الصحي في القسم الشرقي المحاصر من المدينة «على وشك الانهيار بشكل كامل». وندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالغارات «الوحشية» للطيران الروسي والسوري على الأحياء الشرقية في حلب. من جانب آخر، دمر التحالف الدولي بقيادة أمريكية 3 جسور في محافظة دير الزور شرق سوريا، بهدف شل حركة تنظيم الدولة «داعش» داخل المحافظة الحدودية مع العراق، بحسب ما أفاد المرصد.