عواصم - (وكالات): بدأ القادة الأوروبيون اجتماعاً صباح أمس في بروكسل للمرة الأولى دون مشاركة لندن من أجل تحديد آفاق جديدة للمشروع الأوروبي الذي لا يزال يعاني من تبعات صدمة خروج بريطانيا.
وبعد مغادرة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مساء أمس الأول إثر المشاركة الأخيرة له في قمة أوروبية، توجهت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجن في الصباح إلى بروكسل لتقييم فرص انضمام إسكتلندا إلى الكتلة الأوروبية ككيان مستقل. ولم تتم دعوة ستورجن إلى المشاركة في القمة لكنها ستلتقي رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز كما سيستقبلها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، حسبما أعلن مجلس أوروبا بعد أن اتخذ القرار بعقد اللقاء في اللحظة الأخيرة.
وتأتي زيارة ستورجن على خلفية التوتر في المملكة المتحدة بعد تصويت الناخبين لصالح الخروج من أوروبا في الاستفتاء الذي نظم في 23 يونيو الحالي.
ووافق قادة الدول الـ27 الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي على منح بريطانيا مهلة قبل إطلاق آلية الخروج رسميا مع التشديد على أنهم لن يقبلوا الانتظار «طيلة أشهر». وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أمام صحافيين إثر عشاء للدول الـ28 أن قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي يقرون بضرورة «إعطاء الوقت لعودة الهدوء».
ومن المقرر أن يعقد قادة الدول الأوروبية الـ 27 قمة في 16 سبتمبر المقبل في براتيسلافا من دون بريطانيا، وفق ما أعلن توسك في بروكسل.
لكن يونكر قال إن على لندن أن تبدأ «بأسرع وقت ممكن» آلية خروجها من الاتحاد الأوروبي.
ولم يتراجع كاميرون عن موقفه حول هذه النقطة وكرر أنه سيترك لخلفه مهمة تطبيق «بند الخروج» في إشارة إلى المادة 50 من معاهدة لشبونة.
وكرر كاميرون التأكيد على أن «قرار تطبيق المادة 50 يعود إلى الحكومة المقبلة بعد أن تحدد الهدف الذي تريد تحقيقه». وفي مشاركته الأخيرة في قمة أوروبية، اضطر كاميرون إلى شرح هزيمته المؤلمة في الاستفتاء الذي أجري في 23 يونيو الحالي وصوت فيه 52% من البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي. ودافع كاميرون عن قراره إجراء الاستفتاء «أنا آسف للنتيجة بالطبع لكنني لست نادماً على تنظيم الاستفتاء لأنه كان الأمر الصواب».
وعلق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قائلاً «كان متأثراً، كان يشعر أنه قرار تاريخي وبأنه مسؤول»، مضيفاً أن أحداً من المشاركين «لم يكن يرغب في إذلال كاميرون لأن ذلك كان سيعني إذلال الشعب البريطاني». في المقابل كانت الانتقادات من نصيب معسكر مؤيدي الخروج. وتساءل يونكر «ما لا أفهمه هو عدم قدرة الراغبين في الخروج على إطلاعنا على ما يريدونه فعلاً». ومنذ الفوز المفاجئ لمعسكر الخروج، بدأ مسؤولون فيه بالتراجع عن بعض الوعود التي قاموا بها خلال حملة الاستفتاء.
إلا أن المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل حذرت البريطانيين من أنهم لن يكون بإمكانهم «انتقاء ما يريدون» في علاقاتهم المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وذلك حرصاً منها على تفادي انتقال العدوى إلى دول أخرى. وقالت ميركل إن «الاتحاد الأوروبي قوي بما يكفي لتجاوز انسحاب بريطانيا والاستمرار في المضي قدماً حتى بعضوية 27 دولة».
ودعت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، الدول الثلاث التي تعتبر من دعائم الاتحاد ومؤسسيه والقوى الاقتصادية الثلاث الكبرى في منطقة اليورو، إلى إعطاء «دفع جديد» للمشروع الأوروبي الذي لا تزال ملامحه غامضة. وشدد هولاند على ضرورة التركيز على مجالات «الأمن ومكافحة الإرهاب والنمو والتوظيف ودعم الاستثمارات ومساعدة الشباب».
وبعد أيام على تصويت البريطانيين بغالبيتهم مع الخروج من الاتحاد الأوروبي، ينطلق رسمياً السباق داخل حزب المحافظين لخلافة كاميرون، بينما تتسع دائرة المعارضة لزعيم حزب العمال جيريمي كوربن ما يؤشر على أزمة حادة داخل الحزب.
وتمتد مهلة تقديم الترشيحات إلى رئاسة حزب المحافظين حتى اليوم، على أن يعلن اسم الرئيس الجديد للحكومة في 9 سبتمبر المقبل.
وأعلن وزير العمل ستيفن كراب ترشيحه رسمياً. لكن المرشحين الأوفر حظاً هما وزيرة الداخلية تيريزا ماي التي تبدو مرشحة توافقية حتى لو أنها تلتزم الصمت حتى الآن، وزعيم فريق مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي بوريس جونسون، الرئيس السابق لبلدية لندن. وعلى صعيد المعارضة العمالية، أضعفت الاحتجاجات التي يواجهها زعيم الحزب جيريمي كورين موقعه، منذ الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا. إذ أخذ عليه كثيرون من أعضاء الحزب أنه لم يبذل جهداً كافياً في الحملة من أجل بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد. وخسر تصويتاً على الثقة بنسبة 172 صوتاً مقابل 40، بعدما خسر دعم ثلثي أعضاء حكومة الظل التي يرأسها. ودعا كاميرون رئيس حزب العمال إلى الاستقالة. وقال كاميرون «قد يكون لصالح حزبي أن يبقى، لكنه ليس في مصلحة البلاد وأود أن أقول، بحق السماء ارحل يا رجل».