كل شخص منا يراوده طموح بداخله، وتتجاذبه أمنيات كثيرة ويطلب منه حاجيات متعددة يسعى إلى تحقيقها والحصول عليها، ولكن في ظل الوضع الحالي الصعب الذي يمر به العالم لم يعد تحقيق ما يتمناه الشخص سهلاً ميسوراً، بل لا بد من المحاولة والمثابرة وبذل الجهد والطاقة لكي ينال ما يسعى من أجله وقد يعمل الشخص جهده ولكن النتائج لا تكون على ما يتمناه أو يرجوه وكما قيل: «ما كل ما يتمنى المرء يدركه.... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»، فيدب اليأس إلى قلبه والضعف إلى عزيمته ويتمكن الخور والفتور من جهده ونشاطه.
وفي ظل هذه النفسية الصعبة، يأتي نداء من بعيد يتسلل إليه بخفاء ويتقدم إليه بسكينة، فيهمس في أذنه أتريد أن تحقق أمنياتك كلها بلا عناء أو جهد أو مشقة .. أتريد أن ترى ما تسعى إليه أمامك كأنك تراه، فيستيقظ هذا الشخص وكأنه في حلم، أو أن شخصاً يستهزئ به ويستهين بقدراته وجهده، فيرد عليه قائلاً: أعرني سمعك جيداً واجمع جوارحك لما سأقوله لك «إنه رمضان» ولكن كيف؟.
إن شهر رمضان على الأبواب فيه نفحات رب العالمين، ونحن مطالبون بأن نتعرض لهذه النفحات فيه أنزل القرآن وتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران ويشعر المؤمن فيه بالطمأنينة ويزداد فيه الخير وتنزل فيه الرحمة والسكينة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا ترد دعوتهم ومنها الصائم حتى يفطر». وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد».
وقال الإمام النووي: «يستحب للصائم إن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب من المسلمين. وهو مصداق لقول الله تعالى: «وقال ربكم ادعوني استجب لكم».
فأين أصحاب الأمنيات، وأين أصحاب المشاريع والطموحات نقول لهم «للصائم دعوة لا ترد»، أين اليائسون من الحياة، أين المهمومون من مصائب الدنيا نقول لهم «للصائم دعوة لا ترد». وأين من أغلقت الأبواب في وجوههم. وتراكمت الديون على كاهلهم نقول لهم «للصائم دعوة لا ترد».
فيا من يريد مالاً أقبل على الله في رمضان، ويا من يريد عافية أقبل على الله في شهر رمضان، ويا من يريد زوجة أو سيارة أو منزلاً أقبل على الله فهو من بيده كل شيء.
فيا أخي اجمع أمنياتك في إناء. وانثر رغباتك في فناء واختر 30 أمنية تتمنى أن تتحقق، واجعل لكل أمنية منها يوماً وأنت صائم وتحر فيها وقت الإفطار فهو وقت مبارك، ارفع أكفك فيه واجتهد في الدعاء، وأنت موقن أن من تدعوه لن يردك خائباً، وانكسر بين يديه وأظهر فقرك وتذلك إليه، فسترى منه العجب كيف يرضيك ويسعدك ويحقق مرادك وآمالك.
وهناك قصص كثيرة فكم من شخص أقبل على الله تعالى فما خيبه ولجأ إلى الله فما ضيعه، هناك امرأة كانت تجمع أبناءها عند وقت الإفطار وتدعو أن الله يرزقهم بيتاً أمامه نهر، وتلح على الله بالدعاء، وكان زوجها يستهزئ بها ويقول: «بيت معقولة ولكن أمامه نهر في هذه البلد التي لا يوجد فيها قطرة ماء فأين النهر؟». ولكنها استمرت في الدعاء بيقين صادق وثقة بالله وما هي إلا برهة من الزمن يقول الزوج: «كنت في المسجد يوماً فجاءني رجل من أهل الثراء واليسار»، فقال «إن عندي بيتاً لا أحتاجه وأريد أن أبيعه فقلت سأعطيه أول واحد أقابله في المسجد فهو من نصيبك، ويقول واستحيت من أخذه بلا ثمن فجمعنا ما عندنا وأعطيناه المبلغ وأخذنا البيت وسكنا فيه ولكنه لم يكن أمامه نهر كما كانت تدعو زوجتي، فذهبت إلى شيخ تسأله، فقال لها: ماذا أمام البيت؟ قالت: مسجد، فقال: هذا هو النهر الذي تغسل فيه الذنوب والآثام فتحقق ما كان تسأل واستجاب الله لدعائها.
محمد علي الخلاقي