عواصم - (وكالات): تحاول تركيا لملمة جراحها إثر مقتل 41 شخصاً بينهم 13 أجنبياً وإصابة 239 مساء أمس الأول في اعتداء نفذه 3 انتحاريين في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، بحسب حصيلة رسمية جديدة للاعتداء الذي يحمل على ما يبدو بصمات تنظيم الدولة «داعش».
وفي وقت لاحق قالت مصادر أمنية تركية إن قنبلة انفجرت أثناء مرور مركبة مدرعة تابعة للشرطة جنوب شرق تركيا ما أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة 3 آخرين. وأضافت المصادر أن مقاتلي حزب العمال الكردستاني فجروا العبوة الناسفة بجهاز تحكم عن بعد قرب قرية في منطقة ديريك بمقاطعة ماردين.
وهجوم مطار أتاتورك الأكثر دموية الذي تشهده المدينة التركية التي سبق أن استهدفت 3 مرات في العام الحالي وأعلنت أمس يوم حداد وطني.
وأعلن مكتب محافظ إسطنبول الأربعاء أن 13 أجنبياً قتلوا وأن 130 جريحاً لا يزالون في المستشفيات. وبين الأجانب الـ 13، 5 سعوديين وعراقيان وتونسي وأوزبكستاني وصيني وإيراني وأوكراني وأردني، بحسب مسؤول تركي. من جانبه، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «أن فرنسيين أصيبا بجروح طفيفة» جراء الاعتداءات. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم ليلاً للصحافيين من موقع الهجوم «الأدلة تشير إلى داعش». وحتى عصر أمس لم ترد أي معلومات عن جنسية المهاجمين. وكان محافظ إسطنبول واصب شاهين قال للصحافيين إن «3 انتحاريين» نفذوا الاعتداءات. وكشفت صور وتسجيلات فيديو تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي عن كرة نار ضخمة على أحد المداخل، فيما حاول عناصر أمن إجلاء الركاب المذعورين الذين كانوا يصرخون في الممرات. وبدا في أحد الأشرطة المصورة المروعة أحد الانتحاريين وهو يتلوى أرضاً بعد إصابته برصاص شرطي قبل أن يفجر حزامه الناسف.
وبحسب السلطات، فإن انفجارات وقعت بداية عند مدخل محطة الرحلات الدولية. وعمد 3 مهاجمين إلى إطلاق النار بالرشاشات على مسافرين وشرطيين أثناء خدمتهم، قبل أن يتم الرد عليهم ثم يفجر الانتحاريون أنفسهم.
ويذكر أسلوب تنفيذ الهجوم باعتداءات باريس في نوفمبر الماضي «130 قتيلاً» وبروكسل «32 قتيلاً في المترو والمطار» في مارس الماضي.
وحض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المجتمع الدولي على «مكافحة مشتركة» للإرهاب. وأضاف أن «هذا الهجوم الذي جرى خلال شهر رمضان، يظهر أن الإرهاب يضرب من دون أي اعتبار للمعتقد أو للقيم». ووردت تغريدة على حساب مطار بروكسل على «تويتر» جاء فيها «أفكارنا تتجه إلى ضحايا هجوم مطار إسطنبول».
ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «بشدة» اعتداء إسطنبول، واصفاً إياه بـ»العمل الفظيع» وداعياً إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب. في واشنطن، دان متحدث باسم البيت الأبيض الهجمات «المشينة»، مؤكداً دعم واشنطن لأنقرة. كذلك دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «الهجوم الإرهابي»، داعياً إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة أعمال مماثلة. ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس «في برقية بعث بها للقيادة التركية الهجوم الإرهابي».
وساد الذعر محطة الرحلات الدولية في المطار بعد سماع انفجارين عنيفين تلاهما إطلاق نار. وبدت الجثث مغطاة في المطار الذي تناثرت فيه حقائب سفر خلفها أصحابها، وسط انتشار مئات عناصر الشرطة والإطفاء.
ونقلت التلفزيونات صوراً لحالة الفوضى أمام مستشفى بكركوي الكبير قرب المطار الذي توافد إليه أفراد سعياً إلى الحصول على معلومات عن أقاربهم. كما زار يلديريم المطار وسط حماية مشددة.
وعلقت جميع الرحلات المغادرة من المطار، أكبر مطارات تركيا والحادي عشر في العالم، والذي مر عبره في العام الماضي 60 مليون مسافر. ثم استؤنفت حركة الطيران وتم إصلاح قسم من الأضرار سريعاً فيما لم تشهد حركة تسجيل الركاب اضطرابات.
ويبدو قطاع السياحة التركي، المثقل أصلاً بتبعات الاعتداءات المتكررة في البلاد، مهدداً بالانهيار الكامل هذا العام خصوصاً بعد الاعتداءات الانتحارية التي استهدفت مطار أتاتورك. وككل الهجمات المماثلة قبله حجبت صور العنف الصادمة لهذا الاعتداء الخامس في تركيا منذ عام والذي يحمل بحسب أنقرة بصمات تنظيم «داعش»، أي مشاهد ترويج سياحية. ومنذ عام أدت الهجمات في أنقره وإسطنبول إلى مقتل 200 شخص وآلاف الجرحى وأشاعت أجواء من انعدام الأمن، إضافة إلى إبعاد السياح الذين سجل توافدهم أدنى مستوياته في البلد منذ 22 عاماً، فقوضت قطاعاً شكل أحد أهم موارد العملات الأجنبية للاقتصاد التركي، بمعدل 30 مليار يورو سنوياً.
واستهدفت الاعتداءات قوى الأمن التركية إضافة إلى مناطق سياحية وتسببت بتراجع فوري للسياحة. ونسبت إما إلى «داعش» الذي لم يتبن أياً من الاعتداءات وإما إلى المتمردين الأكراد.